1 مايو، 2019


تمثل سياسة دونالد ترامب في الشرق الأوسط تغييرًا كبيرًا عن سياسة باراك أوباما، إذ يسعى لدعم إسرائيل والسعودية على وجه الخصوص، وعزل إيران. برزت هذه الأجندة بصورة مجزأة لا يوصفها جزءًا من استراتيجية متماسكة، وهناك القليل من المؤشرات على أن المسؤولين في الإدارة قد فكروا بالآثار المترتبة على مقاربتهم في المدى الطويل.

صاغ باراك أوباما استراتيجية شرق أوسطية مصممة لإصلاح الضرر الذي وقع خلال رئاسة جورج دبليو بوش. كان على الولايات المتحدة أن تستريح من الجيش المنهك، وأن تعيد تعبئة قوتها الناعمة، وأن تخلق حيزًا سياسيًا للتصدي للتحديات طويلة الأمد. ولتحقيق هذه الغاية، خفّض أوباما مستويات القوات في العراق، وتجنب التدخلات العسكرية واسعة النطاق، وطلب من الحلفاء تحمل مزيد من المسؤولية عن الأمن الإقليمي، وسعى في أغلب الأوقات لمعالجة المشكلات من خلال الدبلوماسية. استخدم مزيجًا من الاشتباك والعقوبات لإقناع إيران بوقف برنامج أسلحتها النووية، وسعى للتوسط في تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أسس معتمدة من المجتمع الدولي، بما في ذلك حل الدولتين والمرونة بشأن وضع القدس الشرقية وإيقاف التوسع في المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية. بخصوص استياء الحلفاء مثل المملكة العربية السعودية، شجّع أوباما أيضًا الإصلاحات الديمقراطية في المنطقة، على الرغم من عدم الاتساق وبقليل من النجاح، وتجنب بصورة علنية تفضيل أي جانب من الانقسام السني الشيعي.

اتخذ دونالد ترامب مقاربة مختلفة تمامًا كما وعد خلال حملة عام 2016، بالتأكيد، هناك جوانب من الاستمرار. لقد شجع الرئيس الحلفاء على قبول مزيد من عبء الأمن الإقليمي، وقاوم إغراء إرسال أعداد كبيرة من القوات إلى سورية وغيرها من النقاط الساخنة، و-مثل أوباما- تساهل مع تدخل المملكة العربية السعودية في اليمن. لكن في ما يتعلق بجوانب مفتاحية، فقد خرج عن سياسات سلفه. تحسنت العلاقات مع الرياض تحسنًا ملحوظًا، بينما كانت الحكومتان الأميركية والسعودية في كثير من الأحيان على خلاف خلال مدّة رئاسة أوباما. وبالمثل، كانت الأولوية لتحسين العلاقات مع حكومة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي التي عانت خلال مدّة ولاية أوباما. انسحب ترامب من اتفاق 2015 الذي كان يهدف إلى تقليص برنامج إيران للأسلحة النووية -المعروف رسميًا باسم خطة العمل المشتركة الشاملة، JCPOA- وإعادة فرض العقوبات على طهران. وأخيرًا لم يُظهر ترامب أي اهتمام بتعزيز الإصلاح السياسي أو تعزيز المعايير الديمقراطية، كما تبين بعد وقت قصير من توليه منصبه في ما يسمى بحظر سفر المسلمين.

إلى الحد الذي يوجد فيه نمط واضح/ قابل للإدراك، يبدو أن الرئيس يروّج لكتلة تقودها المملكة العربية السعودية وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة، تسعى لاحتواء إيران والمحافظة على الوضع الراهن في مواجهة الإصلاح الديمقراطي وانتشار الإسلام السياسي. ومع ذلك هناك سبب للشك في أن هذا جزء من استراتيجية متماسكة.

إيران

إيران هي شاغل رئيس للإدارة، تذكرها استراتيجية الأمن القومي لعام 2017 17 مرة، وتدرجها أولوية رئيسة في المنطقة تمنع الهيمنة من خلال “أي قوة معادية للولايات المتحدة”، وهي إشارة واضحة إلى طهران. ومع ذلك، فإن الإدارة تكافح من أجل صوغ سياسة واقعية في عقب انسحابها، في أيار/ مايو 2018، من خطة العمل المشتركة الشاملة [الاتفاق النووي الإيراني]. انتقد ترامب الاتفاق في كثير من الأحيان. واشتكى هو وغيره المحافظين بأنهم لم يفعلوا شيئًا لمعالجة الجوانب المشكلة الأخرى في السياسة الخارجية الإيرانية، بما في ذلك تطلعاتها إلى الهيمنة الإقليمية ودعم الجماعات المتطرفة مثل حزب الله. إن تهميش المستشارين الذين يميلون إلى دعم خطة العمل المشتركة الشاملة أو خروجهم -مثل جيمس ماتيس، وزير الدفاع، وريكس تيلرسون، وزير الخارجية السابق، ومستشار الأمن القومي السابق ماكماستر- ونفوذ جون بولتون مستشار الأمن القومي المتشدد، جعل الانسحاب أكثر احتمالية.

في خطاب ألقاه في أيار/ مايو 2018، أعلن مايك بومبيو، وزير الخارجية أن الإدارة ستكون مستعدة لإعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مقابل: نزع السلاح النووي الكامل، ووقف برنامج إيران للصواريخ البالستية، والإفراج عن المسجونين جميعهم الذين يحملون جنسية الولايات المتحدة أو أي دولة حليفة، وإنهاء الجهد الرامي إلى توسيع النفوذ الإيراني في المنطقة، وبخاصة في العراق وسورية واليمن وأفغانستان، ووضع حد لهجمات السيبرانية (القرصنة الإلكترونية).

كان هذا الأمر محكومًا عليه بالفشل بوصفه أساسًا للتفاوضات. علاوة على ذلك، فقد أشار الموقعون الآخرون على خطة العمل المشتركة الشاملة إلى أنهم ينوون الالتزام بالاتفاق ومعارضة نظام العقوبات. ردّ الخبراء بشكٍ على تأسيس بومبيو لمجموعة العمل الإيرانية، في آب/ أغسطس 2018 التي وصفتها الإدارة بأنها “فريق نخبة من المتخصصين في السياسة الخارجية” ستسعى لتنفيذ “حملة ضغط قصوى دبلوماسية وعزلة دبلوماسية”.

إسرائيل وعملية السلام

تشيد إسرائيل بالمواجهة مع طهران التي تعدّها تهديدًا وجوديًا. في الواقع، إسرائيل هي واحدة من الدول القليلة في المنطقة التي تشعر بالرضا عن سياسات الرئيس ترامب. حتى وفق معايير الإدارات السابقة، التي عاملت كلها إسرائيل بوصفها حليفًا وثيقًا، فقد ذهب ترامب إلى مدى غير عادي لإرضاء نتنياهو. هذا -إلى حد كبير- نتاج ثقافة سياسية محافظة، إذ الدعم المطلق لإسرائيل هو مسألة إيمان. وقد وصف برنامج الحزب الجمهوري لعام 2016 هذا الدعم بأنه “تعبير عن الأمركة” ودعا إلى وضع سياسات لا تترك “مسافة/ خلافًا” بين البلدين.

تبنى ترامب ومستشاروه بحماسة هذا التعليمات. إضافة إلى الانسحاب من خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي الإيراني) التي انتقدها نتنياهو بوصفها  “خطأ تاريخيًا”، نقل ترامب السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس -وهي خطوة سعى لها الإسرائيليون منذ مدّة طويلة- وأخطر الفلسطينيين بأن مركز بعثتهم الدبلوماسية في واشنطن سيُغلق. وبوصفه سفيرًا، أرسل المحامي ديفيد فريدمان، وهو صديق قديم للرئيس، ومعارض صريح لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس الدولتين. كانت الإدارة تقوم بإلغاء أشكال التمويل كلها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين -وهي خطوة أخرى أشاد بها نتنياهو- وتود أن تقلل بصورة كبيرة من عدد الفلسطينيين الذين مُنحوا صفة اللاجئ. إن القيام بذلك سيؤدي في الأساس إلى إلغاء حق العودة للفلسطينيين معظمهم، وهو تنازل ملحوظ للصقور الإسرائيليين.

خفّضت الإدارة الأميركية أكثر من 200 مليون دولار من المساعدات الثنائية إلى الضفة الغربية وغزة.

وعلى الرغم من هذه المقاربة أحادية الجانب، فقد وعد ترامب بأنه سيحلُّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. قام بتجميع فريق بقيادة جارد كوشنر، صهره والسمسار العقاري، والمحامي جاسون غرينبلات، وهو موظف قديم في مؤسسة ترامب. على الرغم من أن كوشنر وغرينبلات لم يذكرا أي تفاصيل عن المبادرة المقبلة، التي ستموت فورًا حالَ طرحها. ووفقًا للتقارير، رفضت الجهات الفاعلة الإقليمية الرئيسة مثل المملكة العربية السعودية ومصر والأردن العناصر الأساسية للخطة. بعد نقل السفارة إلى القدس، رفض محمود عباس، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، مقابلة كوشنر وغرينبلات، إضافة إلى مناقشة إمكان التوصل إلى تسوية. ومن غير المرجح أن يقبل الإسرائيليون بنية الخطة -بما في ذلك حدود الدولتين وعاصمة فلسطينية في القدس الشرقية- التي ليس لديها أي احتمال للنجاح.

 مصر وتركيا

توترت العلاقات مع اثنين من الحلفاء الرئيسين في المنطقة، مصر وتركيا، في السنوات الأخيرة، ويرجع ذلك في جزء منه إلى تزايد الاستبداد في الدولتين كلتيهما. يبدو أن ميل ترامب إلى القادة الأقوياء الآخرين تبشر بالوعد بعلاقات عمل جيدة، لكن ذلك كان هو الحال فقط عندما يتعلق الأمر بمصر.

منذ اتفاق السلام مع إسرائيل عام 1979، تستفيد الجمهورية العربية من 1,3 مليار دولار من المساعدات العسكرية السنوية، إلى حد كبير لأن واشنطن حريصة على المحافظة على العلاقات بين هؤلاء الحلفاء الرئيسين على أساس قوي. ومع ذلك، في عقب استيلاء الرئيس عبد الفتاح السيسي على السلطة عام 2014، كانت حملة القمع التي شنتها مصر على المعارضة مثيرة للقلق. جمدت إدارة أوباما بعض المساعدات العسكرية مدّة وجيزة بعد الانقلاب، لكنها تراجعت عام 2015. بسبب القلق من استمرار انتهاكات حقوق الإنسان، والأهم من ذلك، من خلال تسهيل القاهرة لمبيعات الأسلحة الكورية الشمالية، أوقفت إدارة ترامب موقتًا بعض التمويل -حوالى 300 مليون دولار- لكن أُعيد كثير منها في تموز/ يوليو 2018.

في البداية، تمتع ترامب والرئيس التركي رجب أردوغان بكيمياء قوية. إن انعطافة أنقرة غير الليبرالية، والتوتر من شراء تركيا للسلاح الروسي، وهجماتها في سورية على المقاتلين الأكراد -وهم حليف رئيس للولايات المتحدة- ورفض واشنطن تسليم فتح الله غولن -وهو رجل دين متهم بالتورط في محاولة الانقلاب ضد الحكومة- لم يكن هناك تأثير واضح في العلاقة بين الرجلين. في الواقع، وفقًا للتقارير، قام ترامب بمصافحة الزعيم التركي بقوة خلال اجتماع الناتو في هلسنكي في تموز/ يوليو عام 2018، وأثنى عليه لعدم السماح للمجاملات الديمقراطية بمنع العمل الحاسم، بعكس الزعماء الأوروبيين الآخرين.

في حين إن ترامب لم يعترض على استبداد أردوغان، إلا أنه رسم الخط عندما تعلّق بحماية مصالحه السياسية الداخلية. بين مجموعة من المواطنين الأميركيين المحتجزين في تركيا، ركزت الإدارة على أندرو برونسون. إن مصير القس له أهمية خاصة للمسيحيين الإنجيليين -وهم جزءٌ أساس من القاعدة المحافظة للرئيس- وغالبًا ما يسلط مايك بينس، نائب الرئيس، الضوء على قضية برونسون. توقعت الإدارة إطلاق سراح برونسون في تموز/ يوليو 2018، بموجب اتفاق بين ترامب وأردوغان. عندما فشلت تركيا في إطلاق سراحه، فرضت واشنطن عقوبات على وزيري العدل والداخلية، وضاعفت التعريفات الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم التركيين. يتوقع المحللون أن أنقرة ستتراجع في نهاية المطاف، ولكن حتى الآن، ما يزال أردوغان متحديًا.

 

سورية والعراق والدولة الإسلامية (داعش)

يأتي عداء ترامب مع أردوغان في لحظة غير ملائمة. تركيا هي جهة فاعلة مؤثرة في سورية ويستخدم الجيش الأميركي قاعدة إنجرليك الجوية لضربات جوية ضد الدولة الإسلامية (داعش). إضافة إلى ذلك، ناضلت الإدارة لصوغ استراتيجية متماسكة تتعلق بالحرب الأهلية السورية.

في بداية عام 2018، أعلن تيلرسون -وزير الخارجية السابق- خطة تتضمن بقاء القوات في سورية إلى أجل غير مسمى من أجل مواجهة إيران وضمان إطاحة بشار الأسد. بعد ذلك، في نيسان/ أبريل 2018، أمر ترامب الجيش بالبدء في التخطيط لسحب القوات -هناك ما يقرب من 2200 جندي، وبخاصة في شرق سورية- وحث الحلفاء الإقليميين، مثل المملكة العربية السعودية، على تحمّل تكاليف إعادة بناء الأجزاء من البلاد التي حُرِّرت من الدولة الإسلامية (داعش). خطط ترامب وبولتون، مستشار الأمن القومي للاعتماد على روسيا، بدلًا من وجود القوات الأميركية، لإقناع طهران بالرحيل.

مؤخرًا، أعلن جيمس جيفري، الممثل الجديد لوزارة الخارجية الأميركية لشؤون سورية، خطة عمل أخرى. وفقًا للدبلوماسي السابق، ستبقى القوات الأميركية ما دام ذلك ضروريًا. قرر ترامب ومستشاروه “إيجاد طرائق لتحقيق أهدافنا” -التي ستركّز مرةً أخرى على التقليل من نفوذ إيران وتشجّع على حكومة مستقرة مقبولة من السوريين والمجتمع الدولي- وهو “أقل اعتمادًا على حسن نية الروس”. لن تصر واشنطن على رحيل الأسد -طبقًا لجيفري، فهو ليس لديه مستقبل” ولكن الأمر ليس “وظيفة” الولايات المتحدة لإطاحته- ولكنه حذّر من أنه سيكون هناك عواقب كبيرة إذا استخدم الأسد الأسلحة الكيماوية مرة أخرى، أو إذا قامت القوات السورية والروسية بقتل أعداد كبيرة من المدنيين.

على الرغم من أن ترامب انتقد سياسة أوباما السورية مرارًا وتكرارًا قبل توليه منصبه رئيسًا، لكنه يواجه التحدي نفسه الذي واجهه سلفه -وهو الرغبة في التأثير في مسار الصراع والنظام في مرحلة ما بعد الحرب، من دون إرسال أعداد كبيرة من الجنود. مثل أوباما، تبنى ترامب مقاربة مشابهة، مركزةً على هزيمة الدولة الإسلامية (داعش) والضغط على الدول الأخرى لاتخاذ إجراءات تخدم المصالح الأميركية. لقد حقق نجاحًا ضعيفًا في هذا الجهد. إن الوجود المستمر لعدد صغير من القوات الأميركية لن يغيّر الدينامية تغييرًا جوهريًا، وعندما يتعلق الأمر بتحديد طبيعة المشهد السياسي السوري لما بعد الصراع، من المحتمل أن يكون لواشنطن نفوذ أقل من روسيا أو إيران أو تركيا.

تمتلك الولايات المتحدة نفوذًا أكبر في العراق، ولكن حتى هناك، على الرغم من الاستثمارات الهائلة للموارد على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية، واستمرار وجود 5,200 من القوات الأميركية -وفقًا للبنتاغون- فإن إيران تتمتع بموقف أقوى. لعبت وحدات الحشد الشعبي -الميليشيات التي وافقت عليها الدولة- دورًا حاسمًا في هزيمة قوات الدولة الإسلامية (داعش)، وتخشى الإدارة من أن عددًا من هذه الوحدات تابع لطهران. ويعدُّ المسؤولون الأميركيون أن أبا مهدي المهندس -وهو شخصية قيادية في الحركة- إرهابي، لأسباب ليس أقلها أنه على صلة وثيقة بـ قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، وهو وحدة القوات الخاصة التابعة للحرس الثوري الإيراني التي تعمل في الخارج.

الخلاصة

يبدو أن ترامب يدعم صعود محور السعودية – إسرائيل – الإمارات والعواقب الجيوسياسية المقابلة. ومع ذلك، ليس هناك ما يدل على أن هذا هو نتاج دراسة متأنية. إن عرض الإدارة الوحيد العام لرؤيتها للمنطقة، واستراتيجية أمنها القومي، يذكر أهدافًا غامضة فقط مثل تعزيز الاستقرار وتوازن مفيد للقوى، وكما لاحظ المحللون الآخرون، فإنه لا يحمل سوى قليل من العلاقة بتصريحات الرئيس الأخرى حول السياسة الخارجية.

بدلًا من ذلك، يمثّل صنعه للقرار نقطة التقاء عدد من العوامل المستقلة إلى حد كبير.

لدى واشنطن تحالفات منذ مدّة طويلة مع السعودية وإسرائيل، ومضاعفة حجمها أسهل من اتباع المسار الذي أطلقه أوباما الذي استلزم عملية توازن معقدة تسعى لتحسين العلاقات مع طهران، التي ما تزال متوترة، وقبول علاقات أقل ودية مع السعوديين والإسرائيليين -وهو ترتيب لا يرضي سوى قليلين- سمح لترامب بزيارة الرياض والقدس بصيغة الانتصار، وأعطى مضيفيه الفرصة للاستفادة من قابليته المعروفة بحبه للإطراء.

علاوة على ذلك، فإن الانحياز إلى كتلة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة يرضي قاعدة الرئيس السياسية.  فهي تلغي الجوانب الأساسية لإرث سلفه -وهو هاجس شخصي يلائم كثيرًا المحافظين- ويعطي الأولوية لمخاوف المسيحيين الإنجيليين في ما يتعلق بإيران وإسرائيل.

كان لأسلوب ترامب القيادي دور محوري في صوغ سياسته في الشرق الأوسط. فهو بطبيعته يحكم حكمًا تفاعليًا وغريزيًا ويتجاهل القضايا التي يجدها غير مثيرة للاهتمام. وقد أدى ميله إلى إعطاء الأولوية للولاء على الكفاءة إلى تهميش المعتدلين النسبين ومكّن المستشارين مثل بولتون الذي يعزّز غرائز الرئيس العدوانية عندما يتعلق الأمر بإيران، وقاده إلى مواقف أكثر تشددًا بما يخصّ سورية.

ربما يكون القلق الأكبر هو أن الرئيس ومستشاريه لم يفكروا في الآثار المترتبة على قراراتهم. ما هي عواقب التخلي عن دعم حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟ ماذا سيحدث إذا انفجرت خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي الإيراني)، واستأنفت إيران برنامج أسلحتها النووية؟ ماذا لو استمر النفوذ الأميركي في العراق في التقلص والنفوذ الإيراني في الازدياد؟ هل ستؤدي الالتزامات الأمنية الجديدة، في شكل التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط وخطة إبقاء القوات في سورية إلى أجل غير مسمى، إلى المشاركة في صراعات إقليمية أخرى؟