الحوثيون قد يسعون لامتلاك سلاح فتاك يهدد الخليج

مخططاتهم انتقامية من اجل فرض واقع سلام بالقوة وقلب موازين الصراع أحداث مهمة

26 سبتمبر، 2019


  • نحو 150 صاروخا باليستيا استهدف بهم الحوثيون السعودية والعدد مرشح للتسارع مستقبلا

  • قوات الحوثيين أقل قدرة على التقدم ضد المواقع الدفاعية التي تغطيها القوات الجوية للتحالف

 

26 سبتمبر 2019

قسم أبحاث مركز (MenaCC)

ملخص التقرير : تزيد المخاوف من احتمالات سعي جماعة الحوثيين لتبني تكتيكات جديدة في تهديد قوات التحالف العربي بقيادة السعودية. وبسبب الخسائر الكبيرة التي يتكبدونها جراء ضربات “التحالف”، من غير المستبعد حسب دراسة تاريخ التكتيكات العسكرية الحوثية طرح الحوثيين لخيارات العدوان الخاطف والانتقامي بأساليب جديدة لعل أخطرها امكانية اللجوء الى استخدام أسلحة “فتاكة” غير تقليدية يتم تطويرها محلياً من خلال احتمال الحصول على تكنولوجيا مهربة بشكل مباشر من إيران او بشكل غير مباشر من جهات كورية شمالية او روسية او من أوروبا الشرقية.

وقد رصد تقرير أعده مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC) احتمالات زيادة الهجمات الصاروخية على أراضي المملكة العربية السعودية. فبعد تهديدها لمنشئات حيوية سعودية بصواريخ باليستية أو طائرات مسيرة، هناك توقعات مقلقة قد ترجح مساعي حثيثة للحوثيين لتطوير عدد ومدى الصواريخ الباليستية لتصل الى مناطق ابعد من الرياض وقد تصبح بقية دول الخليج وجوار اليمن تحت طائلة التهديد الصاروخي الحوثي.

وفي حين ترجح متابعة التكتيك العسكري الحوثي زيادة خطر الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة الا أن المثير للقلق يتثمل في احتمالات تحميل القذاف الصاروخية بمواد تدميرية كيماوية او جرثومية. وحسب قراءة أخلاقية الحرب الحوثية، فمن غير المستبعد اقدام ميليشيات حوثية على استخدام أسلحة محرمة دوليا في ظل سيناريوهات حرب انتقامية، ما يستدعي ضرورة تعزز القدرات الدفاعية الخليجية تحسبا لأي عمل متهور تقدم عليه جماعة الحوثيين إذا تعرضت لخسارة ميدانية كبرى تجبرها على الانسحاب من العاصمة صنعاء أو إذا تم تصفية قياداتها على سبيل المثال.

وحسب رصد مستقبل تكتيكات حرب الحوثيين وما تشكله من مخاطر على السعودية ودول الخليج، فقد زادت احتمالات تطور حركة جماعة أنصار الله من مجرد وكيل إيراني على الأرض اليمنية الى أخطر من ذلك وتحولها الى أكبر منظمة عسكرية متمردة قد تكون لها مخططات مستقلة وانتقامية وتوسعية وعدائية مستقبلية ضد دول الجوار خاصة بعد تلقيها لضربات موجعة من قوات التحالف العربي التي تقوده السعودية.

وقد زادت احتمالات خطر العدوان الحوثي الى درجة يجدر عدم الاستهانة بمستقبل مخططات ميلشياته التي قد تهدف لحسم حرب مصيرية من جهة، ومن جهة أخرى لإثبات الذات من أجل الدفع بالقوى الإقليمية والدولية للاعتراف بتوسع نفوذ الحوثيين الميداني في اليمن وعدم الممانعة في الذهاب الى مفاوضات سياسية على أساس ما حققته من مكاسب على الأرض وهو ما تنبهت اليه قوات التحالف وتسعى لمنع حدوثه.

وعلى الرغم من أن قوات الحوثيين أقل قدرة على التقدم ضد المواقع الدفاعية لدول الجوار وخاصة السعودية التي تغطيها قوات التحالف الجوية، الا أن تحركات الحوثيين على ما يبدو حثيثة لامتلاك سلاح يغير توازن القوى في الصراع المفتوح والمرجح ان يكون صراعاً وحشياً على المدى القريب.

وقد تطور اسطول أسلحة الحوثيين من استخدام الاليات الخفيفة الى المتوسطة والثقيلة وصولا الى الأسلحة التكتيكية كالطائرات بدون طيار وصولا الى الصواريخ متوسطة المدى وهو ما يدعو الى القلق حول مساعي حثيثة الى امتلاك اسلحة متطورة قد تصنف ضمن الأسلحة غير التقليدية والدمار الشامل من شأنها أن تشكل خطرا على دول جوار اليمن. وقد تكون هذه المساعي بدعم من إيران أو بدون علمها خصوصا مع نمو تدفقات مداخيل الحوثيين من نهب الثروات اليمنية والتهريب.

وقد زادت مخاوف المسؤولين الغربيين بشأن الانتشار الإقليمي لأسلحة الدمار الشامل. ويُزعم تورط مسؤولين ايرانيين في انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، ومن اجل الحد من هذه المخاطر تحاول الولايات المتحدة بمعية حلفائها الخليجيين لاتخاذ موقف أكثر تشددًا تجاه طهران.

وحسب رصد (MenaCC) أطلق الحوثيون أكثر من 150 صاروخاً على المملكة العربية السعودية منذ بدء الصراع بين الجماعة المتمردة والتحالف الذي تقوده المملكة في عام 2015، وتم اعتراضها أو هبطت جميعها تقريبًا في مناطق غير مأهولة. لكن مع استمرار الصراع في اليمن، زاد مدى صواريخ الحوثيين، مما دفع خبراء الأسلحة إلى افتراض أن جماعة الحوثي بإمكانها تعديل مدى الصواريخ الإيرانية وسكود السوفيتية والكورية الشمالية التي تتضمنها ترسانة اليمن الحالية بقدرات ذاتية أو ربما بمساعدة من إيران1. وعلى مدى عقود، هناك مزاعم قوية حول قيام كوريا الشمالية بتسهيل بيع أسلحة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية ومعدات كيميائية، إلى دول مثل إيران وسوريا ووكلاءها من غير الدول على غرار جماعة الحوثيين في اليمن فضلاً عن تزويدهم بالوسائل التقنية اللازمة والمساعدة العسكرية لتطوير برامج الأسلحة الخاصة بهم2.

وما يزيد من خطورة توقعات نمو ترسانة الحوثيين هو زيادة احتمالات حصول إيران الداعم الأساسي للحوثيين على تكنولوجيا الأسلحة غير التقليدية التي يمكن ان تزود بها الحوثيين. ويقول خبراء ألمان إن إيران تحاول بشراسة توسيع ترسانتها بأسلحة الدمار الشامل وسط مخاوف من أن الولايات المتحدة تستعد للهجوم وإمكانية تصدير طهران لمعدات أسلحة غير تقليدية لوكلائها في الشرق الأوسط. وجاء الادعاء في تقرير للمخابرات الالمانية يقول إن الإيرانيين يحاولون شراء التكنولوجيا التي يمكن استخدامها في الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية أو النووية3.

تحول في الاستراتيجية العسكرية للحوثيين

تثير الهجمات على منشآت إنتاج النفط في المملكة العربية السعودية القلق حول حقيقة تطور الترسانة العسكرية لحركة الحوثي اليمنية، التي أعلنت مسؤوليتها عن الضربات الصاروخية. وفي حين تزعم الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أن إيران كانت متورطة بشكل مباشر في الهجمات، يجدد هذا التطور التكتيكي في الاعمال العدائية العسكرية التي يشنها الحوثيون ضد أهداف سعودية التركيز على تحول في الاستراتيجية العسكرية للحوثيين من التعويل على آليات تقليدية الى زيادة استخدام أسلحة غير تقليدية وأبرزها الصواريخ الباليستية التي حذرت سابقاً منظمات دولية من احتمالات تطوير الحوثيين محلياَ لصواريخ قصيرة المدى الى متوسطة المدى، وذلك بزيادة مداها وقدرتها التدميرية.

ولم يعد دور حركة الحوثي كحركة معارضة صغيرة ظهرت في شمال اليمن لتزيد طموحاتها على ما يبدو في سعي لإقناع دول الجوار والمجتمع الدولي أنها لاعب ذات أهمية محلية وإقليمية متزايدة4. وعلى الأرجح ان حركة الحوثي باتت تعتمد استراتيجية عنصر المفاجأة والهجمات التكتيكية المباغتة والانتقامية ضد أهداف خارجية وخاصة سعودية في ردها على ضربات التحالف العربي.

وبقدر عدم امكانية حكومة هادي على حل المشاكل الاقتصادية والسياسية العميقة التي غذت انتفاضة 2011، ازداد انهيار الدولة وزاد استيلاء الحوثيين على العاصمة. لكن تمثل أكبر استيلاء قام به الحوثيون في الموارد العسكرية المتزايدة بشكل كبير. وشمل ذلك الدبابات والمدفعية والأسلحة المضادة للطائرات، وكذلك الصواريخ الباليستية قصيرة المدى والقاذفات. ويزيد القلق اليوم من تطور قدرات الحوثيين على إعادة تصنيع صواريخ وتطوير مداها ليصل دول الجوار مع زيادة احتمالات استفادة الحوثيين من أنشطة تهريب الأسلحة التقليدية وغير التقليدية والتي نشطت بشكل كبير في مناطق الصراع في الشرق الأوسط بصفة خاصة مع زيادة التهديد الغربي لإيران وقيام تنظيم “داعش”. وقد سجل تقرير للأنتربول5 زيادة أنشطة تهريب الأسلحة في الشرق الأوسط وقد يكون بينها احتمالات سعي بعض الدول أو المنظمات الى امتلاك أسلحة غير تقليدية أو فتاكة تصل لتصنيف أسلحة دمار شامل.

الدعم الإيراني ليس حاسما في تطور أسلحة الحوثيين

تقود المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تدخلًا عسكريًا ضد سيطرة الحوثيين بدعم إيران على الدولة اليمنية وانقلابهم على النظام الشرعي. وقد بدأ تفعيل التحالف العربي في مارس 2015 بدعم من الحلفاء الإقليميين والمجتمع الدولي. وقد كان اشتراك القوى الإقليمية في الصراع في اليمن مدفوعًا، جزئياً على الأقل، بمخاوف من توسع النفوذ الإيراني وتحول الأحداث الى حرب طائفية. ومع ذلك، في حين استفاد الحوثيون من الدعم المقدم من إيران، الا أنهم يشكلون أكثر قليلاً من وكيل إيراني في اليمن. حيث من المرجح انهم يسعون الى التعويل على ثروات محلية يمنية والاستفادة من إيراداتها لتمويل صفقات شراء أسلحة متقدمة من أسواق سوداء ومن دول مصدرة محظورة مثل كوريا الشمالية ودول شرق أوروبا. كما ترجح تقارير كذلك زيادة احتمالات تطوير الحوثيين لإمكانيات التصنيع الحربي الذاتي.

ولا يبدو الدعم الإيراني بالحاسم في تطور أسلحة الحوثيين حيث هناك أدلة محدودة على أن إيران تسيطر على استراتيجية الحوثيين. وبحسب تقارير فقد سبق وتجاهل الحوثيون النصيحة الإيرانية بعدم السيطرة على صنعاء في عام 2014. وبينما ينفق التحالف العربي ما بين 5-6 مليارات دولار شهريًا على الحرب، فإن إنفاق إيران على حرب اليمن قدّر بأكثر من عدة ملايين من الدولارات سنوياً.

وقد يكون طابع الصراع المستقبلي في اليمن يتخذ أكبر من صفة صراع طائفي لتزيد التوقعات بتحوله الى نزاع وحشي6 وحرب نظامية وانتقامية قد تطال شرارتها دول الخليج وذلك من خلال القيام بضربات نوعية او عمليات إرهابية تطال دول الجوار.

تسارع تطور ترسانة الحوثيين العسكرية

سرعان ما سيطر الحوثيون (أنصار االله) على أسلحة متطورة لم يسيطروا عليها من قبل، بما في ذلك العديد من الأسلحة الإيرانية الأصل. وتضخمت ترسانة الحوثيين العسكرية من أسلحة صغيرة إلى الصواريخ الباليستية متوسطة المدى بالاستفادة من الدعم المباشر من إيران وحزب الله اللبناني فضلا عما ورثته من مجموعات كاملة من الدبابات والمدفعية والأسلحة المضادة للطائرات والصواريخ الاستراتيجية واليات الدفاع الساحلية7.

وقد استخدمت جماعة أنصار الله الحوثي أنظمة أسلحة جديدة منذ عام 2015 أبرزها طائرات بدون طيار صرحت الأمم المتحدة بأنها “متطابقة تقريبًا في التصميم والأبعاد والقدرة لطائرات أبابيل بدون طيار التي تصنعها إيران. وتشمل الابتكارات الأخرى صواريخ جو- جو روسية الصنع تعمل بالحرارة وقد تحولت إلى أسلحة مضادة للطائرات تطلق بواسطة شاحنات متنقلة، فضلا عن امتلاك الحوثيين لأجهزة رادارات إيرانية افتراضية تجمع إشارات مراقبة الحركة الجوية في ظل استنباط حلول استهداف بطاريات الدفاع الجوي لقوات التحالف.8

وفي وقت سابق من العام الماضي عرض المسؤولون العسكريون لجماعة طائرات بلا طيار وصواريخ. مطورة محليا ووضع عليها شعار “صنع في اليمن”. وتفتخر الميليشيات الحوثية بطائرات بلا طيار وقذائف قادرة على الوصول إلى عمق المملكة العربية السعودية، نتيجة لحملة التسلح استمرت وتوسعت بقوة منذ بدأت حرب اليمن قبل أربع سنوات9.

وقد مثل هجوم الطائرات الحربية بدون طيار التي تبناها المتمردون الحوثيين في اليمن على مواقع حساسة في السعودية كالمطارات ومواقع نفطية، نقطة اشتعال جديدة من شانها ان تزيد من توتير منطقة متوترة بالفعل بسبب التصعيد المتزايد بين الولايات المتحدة وإيران.

ويمثل زعم مسؤول عسكري حوثي شن الجماعة هجمات متعددة ضد “منشآت سعودية حيوية” باستخدام طائرات بدون طيار مع استخدام صواريخ باليستية تحد صارخ لقوات التحالف وللمملكة لكن هناك قلق جدي ان مستقبل الهجمات قد تكون أخطر بكثير.

وقد تطورت حركة الحوثيين، والتي سميت على اسم العائلة التي ترتبط بها بقوة، في محافظة صعدة الشمالية باليمن كرد على التهميش لسكانها الشيعة الزيدية من قبل الحكومة في العاصمة صنعاء. وادعى أفراد من عائلة الحوثي الدفاع عن هوية الشيعة الزيدية في بيئة إسلامية سنية منتشرة بشكل واسع. وكان الدافع وراء تحول الحركة الى العمل العسكري هو ما اعتبره الحوثيون التمييز ضد محافظة صعدة من قبل نظام علي عبد الله صالح، الرئيس الراحل الذي سيطر على الحياة السياسية اليمنية من عام 1990 حتى الإطاحة به في انتفاضة شعبية في عام 2011.

 

المصدر: مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC)

 

 

 

1 Ian Talley, U.S. Widens Iran Sanctions for Supplying Missiles to Yemen’s Houthis, Wall street Journal, 22 May 2018, https://www.wsj.com/articles/u-s-sanctions-iran-for-supplying-missiles-to-yemens-houthis-1527006421
2 Bruce E. Bechtol, Jr., North Korea’s Illegal Weapons Trade, The Proliferation Threat From Pyongyang, June 6, 2018, https://www.foreignaffairs.com/articles/north-korea/2018-06-06/north-koreas-illegal-weapons-trade
3 Patrick Knox, EXPANDING ARSENAL Iran desperately trying to buy weapons of mass destruction in chilling escalation of row with the US, Germany claims, 30 May 2019, 0:57Updated: 30 May 2019, https://www.thesun.co.uk/news/9181721/iran-trying-buy-weapons-mass-destruction-germany-claims/

4 Vincent Durac, Yemen’s Houthis – and why they’re not simply a proxy of Iran September 19, 2019, The conversation, http://theconversation.com/yemens-houthis-and-why-theyre-not-simply-a-proxy-of-iran-123708
5 انظر تقرير الانتربول حول أنشطة تهريب الأسلحة لعام 2018، http://www.xinhuanet.com/english/2018-10/10/c_137521708.htm
6 Vincent Durac, Yemen’s Houthis – and why they’re not simply a proxy of Iran September 19, 2019, The conversation, http://theconversation.com/yemens-houthis-and-why-theyre-not-simply-a-proxy-of-iran-123708
7 MICHAEL KNIGHTS,The Houthi War Machine: From Guerrilla War to State Capture, SEPTEMBER 2018, VOLUME 11, ISSUE 8, https://ctc.usma.edu/houthi-war-machine-guerrilla-war-state-capture/
8 MICHAEL KNIGHTS,The Houthi War Machine: From Guerrilla War to State Capture, SEPTEMBER 2018, VOLUME 11, ISSUE 8, https://ctc.usma.edu/houthi-war-machine-guerrilla-war-state-capture/
9 Lisa Barrington, Aziz El YaakoubiYemen Houthi drones, missiles defy years of Saudi air strikes, Reuters, september 17, 2019, https://www.reuters.com/article/us-saudi-aramco-houthis/yemen-houthi-drones-missiles-defy-years-of-saudi-air-strikes-idUSKBN1W22F4