15 فبراير 2020
قسم أبحاث ورصد المخاطر، مركز (MenaCC)
ملخص التقرير :
مع استمرار ارتفاع حدة التغيرات المناخية والبيئية والديمغرافية وتوقع زيادة أضرارها الصحية على البشر في دول مجلس التعاون الخليجي كما أكدت ذلك منظمة الصحة العالمية في آخر تحديث لتحذيراتها في يناير الماضي، برزت تحديات محدودية تفسير ظواهر مرضية ووبائية مستبطنة غير مفهومة الى اليوم في منطقة الخليج العربي حسب أحدث دراسات علمية. ومالم تسارع حكومات الخليج في معالجة أعراض هذه الظواهر اليوم تزيد احتمالات تفشي أمراض وفيروسات وبائية خطيرة ومعدية مستقبلاً أبرزها مرتبط بالالتهاب التنفسي ولعل أبرزها فيروس كورونا المعروف بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (تُعرف اختصارًا MERS-CoV أوEMC/2012)). هذا الفيروس الغامض المتربص بدول الخليج لا يختلف كثيرا عن كورونا التي ضربت الصين لارتباطهما بمنشأ حيواني. وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن يتم الإبلاغ عن حالات إضافية من حالات الإصابة بفيروس كورونا في الشرق الأوسط.
وحسب رصد وتحليل لوحدة البحث وتوقع المخاطر في مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC) فان ظاهرة كورونا الخليج أو متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) التي ظهرت منذ 2012 في السعودية وارتبط منشئها بالإبل وفتكت بأرواح كثيرة، بقيت مستبطنة وطرق العدوى منها الى اليوم غير مفهومة بشكل كلي للعلماء، أي أن تحديات عودة ظهورها ممكنة خاصة مع حدة مؤشرات تلوث البيئة والاحتكاك البشري غير الصحي بالحيوانات وتوسع المناطق الحضرية.
وفي نهاية ديسمبر الماضي، قبل نحو شهر ونصف فقط، أعلنت منظمة الصحة العالمية في بيان تقييم المخاطر[1] عن ضرورة قيام دول الخليج بزيادة تدابير الوقاية من الفيروسات المعدية ومكافحتها، من أجل منع كل احتمالات نشاط الفيروسات وخاصة انتقال فيروس MERS-CoV من إنسان إلى إنسان. وأتى هذا التحذير عقب الإبلاغ في 29 ديسمبر 2019، عن حالة إصابة جديدة مؤكدة مختبريًا بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الفيروسية التاجية (MERS-CoV) في الامارات.
ونظرا لكون الأشهر الثلاث المقبلة في دول الخليج تنشط فيها عادة المناسبات والتجمعات الشعبية خاصة مع انطلاق موسم المخيمات التي يزيد فيها الاقبال على المزارع في المناطق البرية أين تكمن الابل والجمال وحيوانات برية أخرى، زادت درجة تحذير منظمة الصحة العالمية لمواطني دول الخليج بضرورة تجنب الأشخاص الذين يعانون خاصة من حالات مزمنة كامنة مثل داء السكري والفشل الكلوي وأمراض الرئة المزمنة وأجهزة المناعة المعرضة للخطر الاتصال الوثيق مع الحيوانات، وخاصة الجمال، عند زيارة المزارع أو الأسواق أو حظائر المناطق التي يُحتمل أن ينتشر فيها الفيروس مع ضرورة الالتزام بتدابير النظافة العامة، مثل غسل اليدين بانتظام قبل وبعد لمس الحيوانات وتجنب ملامسة الحيوانات المريضة[2]. وحذرت أيضا من التهاون في النظافة الغذائية مع تجنب شرب حليب الإبل الخام أو تناول اللحوم التي لم يتم طهيها بشكل صحيح.
متابعة دولية حثيثة لمعرفة فيروس MERS ومنع تفشيه مستقبلاً
على الرغم من أن العديد من الأدلة تشير إلى أن تعرض الإبل مرتبط بعدوى الإنسان بفيروس كورونا، إلا أن آليات انتقال العدوى غير مفهومة تمامًا[3]. وتبدو هناك حاجة إلى معلومات حول عوامل الخطر المحددة المتعلقة بتفاعلات الهجن لزيادة فهم كيفية انتقال الفيروس من الجمال إلى البشر ولتوجيه التدخلات لمنع انتقال حيواني المنشأ، بما في ذلك التغييرات في ممارسات إدارة الهجن. نظرًا لأن لقاحات MERS-CoV قيد التطوير حاليًا.
وتتمثل أعراض متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) في أمراض تنفسية شديدة مع أعراض الحمى والسعال وضيق التنفس على غرار فيروس كورونا الصيني. وجميع الحالات مرتبطة بشبه الجزيرة العربية.
وتستمر مراكز أبحاث عالمية في متابعة احتمالات تفشي عدوى MERS في دول الخليج والشرق الأوسط والعالم على غرار مركز السيطرة على الأمراض (CDC)[4] والذي يعمل عن كثب في مراقبة وضع MERS على مستوى العالم. ويعمل مع الشركاء لفهم مخاطر هذا الفيروس بشكل أفضل، بما في ذلك المصدر، وكيفية انتشاره، وكيفية الوقاية من العدوى. ويدرك CDC إمكانية انتشار MERS-CoV بشكل أكبر مستقبلاً والتسبب في المزيد من الحالات على مستوى العالم.
تقييم مخاطر فيروسات الجزيرة العربية يفرض الحيطة ولا قيود على الحركة والسفر
في حين لم توصي حاليًا بتطبيق أي قيود على السفر أو التجارة في دول الخليج، الا أن منظمة الصحة العالمية تواصل مراقبة الوضع الوبائي في بلدان مجلس التعاون وبقية دول الشرق الأوسط فضلاً عن إجراء تقييم للمخاطر بناءً على أحدث المعلومات المتاحة. ومن المرجح حسب دراسات مختلفة ان تكون ملوثات مختلفة ذات طبيعة متعددة المصادر على علاقة بنشاط فيروسات تنتقل من الحيوان الى الانسان أو عبر الهواء. وحثت المنظمة جميع دول الخليج على مواصلة مراقبة الأمراض المعدية التنفسية الحادة ومراجعة أي أنماط غير عادية بعناية. وتعد إجراءات الوقاية من العدوى ومكافحتها ضرورية لمنع الانتشار المحتمل لمرض MERS-CoV في مرافق الرعاية الصحية. وليس من الممكن دائمًا تحديد المرضى المصابين بعدوى هذا المرض في وقت مبكر لأنه مثل أمراض الجهاز التنفسي الأخرى، فإن الأعراض المبكرة للعدوى غير محددة. ويمكن أن تسبب العدوى بفيروس MERS-CoV مرضًا شديدًا يؤدي إلى ارتفاع معدل الوفيات. ويصاب البشر بهذا الفيروس من الاتصال المباشر أو غير المباشر مع الإبل.
تفاعلات انتشار العدوى بين الإبل والبشر ليست مفهومة الى اليوم
حسب آخر دراسات علمية، تعتبر ملامسة الهجن احدى عوامل الإصابة بعدوى فيروس (كورونا) المتلازمة التنفسية في الشرق الأوسط. لكن تفاعلات انتشار العدوى بين الإبل والبشر ليست مفهومة تمامًا[5] الى اليوم.
وقد تم التعرف على الفيروس التاجي لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) للمرة الأولى كمسبب لالتهابات الجهاز التنفسي الحادة في المملكة العربية السعودية في أكتوبر 2012[6]. وتتراوح التداعيات السريرية لـ MERS من العدوى بدون أعراض إلى متلازمة الضائقة التنفسية الحادة والموت[7]. واعتبارًا من 3 أبريل 2018، تم الإبلاغ عن 274 حالة إصابة مؤكدة مختبريًا من قبل 27 دولة إلى منظمة الصحة العالمية (WHO)؛ في حين بلغ معدل الوفيات المبلغ عنها هو 35 ٪[8]. وكانت جميع الحالات المبلغ عنها لها صلة وبائية في شبه الجزيرة العربية[9].
ويعتبر مرض MERS فيروس حيواني المنشأ على غرار فيروس كورونا الصيني القاتل، حيث تم تأكيد ان (الجمال) مستودع فيروسي رئيسي للانتقال إلى البشر[10]. وقامت العديد من الدراسات بالبحث في علاقة MERS-CoV أو MERS-CoV RNA بالجمال عبر شبه الجزيرة العربية وإفريقيا[11]. وكشفت الدراسات المصلية للجمال في الشرق الأوسط وإفريقيا عن الإصابة بفيروس MERS-CoV من 90٪ إلى 97٪[12]. في العدوى الطبيعية، تم العثور على دليل على وجود الحمض النووي الريبي في اللبن الذي تم جمعه عن طريق إجراءات الحلب التقليدية[13].
وقد تم عرض الروابط الوبائية بين الإبل المصابة والتهابات MERS-CoV البشرية، مع وجود أعراض متلازمة MERS-CoV متطابقة أو متطابقة تقريبًا في حالات الإنسان وفي الجمال التي كان لها اتصال مباشر بها[14]. وحددت دراسة الحالات والشواهد التعرض للجمال كعامل خطر للإصابة بفيروس MERS-CoV البشري[15]. وتدعم دراسات الانتشار المصلي البشري أيضًا العلاقة بين الإصابة بفيروس كورونا وتلامس الجمال في البادية الخليجية، وتم تأكيد أن الانتشار المصلي للفيروس MERS-CoV أكبر بنسبة 15 مرة بين رعاة الجمال و23 مرة في عمال المسالخ مقارنة مع عامة السكان[16]. في حين أظهرت دراسات أخرى أيضًا ارتفاع معدل الانتشار المصلي بين مجموعات مهنية محددة مع احتكاكات مختلفة مع الإبل في قطر على سبيل المثال[17].
وقد أبلغ مسؤولو الصحة لأول مرة عن حدوث المرض في المملكة العربية السعودية في سبتمبر 2012. من خلال التحقيقات بأثر رجعي، حددوا لاحقًا أن أول حالات الإصابة المعروفة بفيروس كورونا وقعت في الأردن في أبريل 2012. وحتى الآن، تم ربط جميع حالات الإصابة بفيروس كورونا من خلال السفر إلى أو الإقامة في البلدان الواقعة في شبه الجزيرة العربية وبالقرب منها.
المصدر: مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC)
المراجع:
[1] WHO, Middle East respiratory syndrome coronavirus (MERS-CoV) – The United Arab Emirates, Disease Outbreak News : Update 8 January 2020, https://www.who.int/csr/don/08-january-2020-mers-uae/en/
[2] WHO, Middle East respiratory syndrome coronavirus (MERS-CoV) – The United Arab Emirates, Disease Outbreak News : Update 8 January 2020, https://www.who.int/csr/don/08-january-2020-mers-uae/en/
[3] Middle East Respiratory Syndrome (MERS), see CDC Guidance for Preventing MERS-CoV from Spreading in Homes and Communities (http://www.cdc.gov/coronavirus/mers/hcp/home-carepatient.html).
[4] Middle East Respiratory Syndrome (MERS), see CDC Guidance for Preventing MERS-CoV from Spreading in Homes and Communities (http://www.cdc.gov/coronavirus/mers/hcp/home-carepatient.html).
[5] Ahmed Khudhair, Marie E. Killerby1Comments to Author , Mariam Al Mulla, Kheir Abou Elkheir, Wassim Ternanni, Zyad Bandar, Stefan Weber, Mary Khoury, George Donnelly, Salama Al Muhairi, Abdelmalik I. Khalafalla, Suvang Trivedi, Azaibi Tamin, Natalie J. Thornburg, John T. Watson, Susan I. Gerber, Farida Al Hosani, and Aron J. Hall, Risk Factors for MERS-CoV Seropositivity among Animal Market and Slaughterhouse Workers, Abu Dhabi, United Arab Emirates, 2014–2017, Volume 25, Number 5—May 2019, Research, Center of disease Control and Prevention, The conclusions, findings, and opinions expressed by authors contributing to this journal do not necessarily reflect the official position of the U.S. Department of Health and Human Services, the Public Health Service, the Centers for Disease Control and Prevention, or the authors’ affiliated institutions. Use of trade names is for identification only and does not imply endorsement by any of the groups named above, https://wwwnc.cdc.gov/eid/article/25/5/18-1728_article
[6] Zaki AM, van Boheemen S, Bestebroer TM, Osterhaus ADME, Fouchier RAM. Isolation of a novel coronavirus from a man with pneumonia in Saudi Arabia. N Engl J Med. 2012;367:1814–20. DOIExternal LinkPubMedExternal Link
[7] World Health Organization. Middle East respiratory syndrome coronavirus (MERS-CoV) [cited 2019 Apr 3]. http://www.who.int/emergencies/mers-cov
[8] World Health Organization. Middle East respiratory syndrome coronavirus (MERS-CoV) [cited 2019 Apr 3]. http://www.who.int/emergencies/mers-cov
[9] World Health Organization. WHO MERS-CoV global summary and assessment of risk, 21 July 2017 [cited 2018 Aug 7]. https://www.who.int/emergencies/mers-cov/risk-assessment-july-2017.pdf
[10] Mohd HA, Al-Tawfiq JA, Memish ZA. Middle East respiratory syndrome coronavirus (MERS-CoV) origin and animal reservoir. Virol J. 2016;13:87. DOIExternal LinkPubMed
[11] Omrani AS, Al-Tawfiq JA, Memish ZA. Middle East respiratory syndrome coronavirus (MERS-CoV): animal to human interaction. Pathog Glob Health. 2015;109:354–62. DOIExternal LinkPubMedExternal Link, Miguel E, Chevalier V, Ayelet G, Ben Bencheikh MN, Boussini H, Chu DK, et al. Risk factors for MERS coronavirus infection in dromedary camels in Burkina Faso, Ethiopia, and Morocco, 2015. Euro Surveill. 2017;22:30498. DOIExternal LinkPubMedExternal Link
[12] Chu DK, Oladipo JO, Perera RA, Kuranga SA, Chan SM, Poon LL, et al. Middle East respiratory syndrome coronavirus (MERS-CoV) in dromedary camels in Nigeria, 2015. Euro Surveill. 2015;20:30086. DOIExternal LinkPubMedExternal Link, Meyer B, Müller MA, Corman VM, Reusken CB, Ritz D, Godeke GJ, et al. Antibodies against MERS coronavirus in dromedary camels, United Arab Emirates, 2003 and 2013. Emerg Infect Dis. 2014;20:552–9. DOIExternal LinkPubMedExternal Link, Reusken CB, Messadi L, Feyisa A, Ularamu H, Godeke GJ, Danmarwa A, et al. Geographic distribution of MERS coronavirus among dromedary camels, Africa. Emerg Infect Dis. 2014;20:1370–4.
[13] Reusken CB, Farag EA, Jonges M, Godeke GJ, El-Sayed AM, Pas SD, et al. Middle East respiratory syndrome coronavirus (MERS-CoV) RNA and neutralising antibodies in milk collected according to local customs from dromedary camels, Qatar, April 2014. Euro Surveill. 2014;19:20829. DOIExternal LinkPubMed
[14] Paden C, Yusof M, Al Hammadi Z, Queen K, Tao Y, Eltahir Y, et al. Zoonotic origin and transmission of Middle East respiratory syndrome coronavirus in the UAE. Zoonoses Public Health. 2017.
[15] Alraddadi BM, Watson JT, Almarashi A, Abedi GR, Turkistani A, Sadran M, et al. Risk factors for primary Middle East Respiratory syndrome coronavirus illness in humans, Saudi Arabia, 2014. Emerg Infect Dis. 2016;22:49–55. DOIExternal LinkPubMedExternal Link
[16] Müller MA, Meyer B, Corman VM, Al-Masri M, Turkestani A, Ritz D, et al. Presence of Middle East respiratory syndrome coronavirus antibodies in Saudi Arabia: a nationwide, cross-sectional, serological study. Lancet Infect Dis. 2015;15:559–64. DOIExternal LinkPubMedExternal Link
[17] Reusken CB, Farag EA, Haagmans BL, Mohran KA, Godeke GJV V, Raj S, et al. Occupational exposure to dromedaries and risk for MERS-CoV infection, Qatar, 2013–2014. Emerg Infect Dis. 2015;21:1422–5. DOIExternal LinkPubMedExternal Link