توقعات بتراجع ذروة حرارة الصيف في دول الخليج

احتمالات تأثيرات إجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا على المناخ أحداث مهمة

16 أبريل، 2020


  • انخفاض متوقع لذروة حرارة صيف الخليج بنحو درجتين عن العام الماضي

  • توقعات بانخفاض طفيف لدرجات الحرارة خلال بداية فصل الصيف مع إمكانية تقلبات مناخية

  • صيف 2019 الأسخن منذ 130 عاماً

  • تأخر فصل الخريف المقبل وتوقع تقلبات مناخية

  • تقلص الانبعاثات الغازية نتيجة توقف أنشطة صناعية ملوثة بسبب الوباء قد يكون بين عوامل تلطيف الجو

  • تراجع درجات الحرارة القياسية في الكويت والامارات خلال النصف الأول من الصيف

  • الحرارة تميل الى الانخفاض والاستقرار في اغلب دول مجلس التعاون

  • العقد الماضي أكثر العقود حرارة منذ 170 عاماً والأكثر تحفيزا لتطور الفيروسات

  • ارتفاع درجات الحرارة القياسية يحفز زيادة نشاط الفيروسات في الخريف

 

16 ابريل 2020

قسم أبحاث مركز (MenaCC)

ملخص التقرير :

يأتي صيف هذا العام وخاصة نصفه الأول على دول الخليج أقل حرارة من صيف العام الماضي الذي صنف بين أسخن الفصول منذ نحو 130 عاماً. وقد يشجع ذلك ازدهار السياحة المحلية في دول خليجية. وعموماً تتعزز التوقعات باحتمال تسجيل انخفاض طفيف لدرجات الحرارة خلال بداية فصل الصيف في أغلب مناطق العالم هذا العام مع إمكانية تقلبات مناخية وقد يكون تقلص الانبعاثات الغازية نتيجة توقف أنشطة صناعية ملوثة في العالم نتيجة إجراءات الحد من التفشي من وباء كورونا أحد عوامل الانخفاض الطفيف المتوقع في حرارة صيف هذا العام.

وحسب رصد مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC) لتغيرات المناخ في دول مجلس التعاون الخليجي واعتمادا على قاعدة بيانات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية[1] ومنصة رصد الطقس الدولية accuweather[2]، من المرجح تراجع متوسط الحرارة عن العام الماضي بنحو درجتين، في حين أن متوسط درجات الذروة من المتوقع انخفاضها بنحو درجيتين أيضاً أو أكثر بشكل متفاوت بين الدول. وتبقى الكويت الأكثر تسجيلاً للحرارة خليجياً لكن مع ميل للانخفاض مقارنة مع صيف العام الماضي حيث من المتوقع أن يكون صيف الكويت ألطف من الذي سبقه حيث قد لا تصل ذروة الحرارة فيها الا نادراً عند 50 درجة. ومن المتوقع تسجيل فترات استقرار للحرارة مع مستويات قياسية اقل وفترات ذروة محدودة مقارنة مع صيف العام الماضي في سائر دول مجلس التعاون الخليجي.

oonal / Getty Images
oonal / Getty Images

وخلافا لتوقعات سابقة لن يكون عام 2020 الأسخن على الاطلاق، حيث تشير التوقعات الى احتمال تأخر ذروة حرارة الصيف الى شهر يوليو خلافاً لصيف العام الماضي الذي سجل درجات قياسية منذ يونيو. كما أن حرارة صيف هذا العام في دول الخليج قد تمتد الى منتصف أكتوبر، ما ينذر بتأخر فصل الخريف المقبل وتوقع تقلبات مناخية قياسية قد تتخللها حدوث عواصف أو أمطار بشكل حاد ومتقلب ومفاجئ[3].

ويبدأ صيف دول الخليج منذ المنتصف الثاني لشهر مايو بدرجات حرارة عند متوسط 38 درجة[4] مع توقعات قياسية في الكويت قد تتعدى 40 درجة قبل بداية شهر يونيو. ويعتبر هذا المتوسط أقل من بداية صيف العام الماضي الذي كان عند 40 درجة[5]. وقد انخفضت توقعات تسجيل ذروة الحرارة في النصف الأول من الصيف الى غاية منتصف شهر يوليو من 50 درجة[6] في الكويت مقارنة بالفترة نفسها العام الماضي، وفي باقي دول الخليج من متوسط 49 الى 46 درجة[7].  وقد يحفز توقع انخفاض ذروة الحرارة في دول الخليج زيادة الاقبال على الأنشطة السياحية المحلية في ظل توقع استمرار بعض القيود على بعض الجهات السياحية الدولية بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا.

ومن الملاحظ أن موسم الحرارة قد يبدأ قبل دخول فصل الصيف ويمتد الى منتصف فصل الخريف مع إمكانية تسجيل تقلبات مناخية. وقد بات فصل الخريف يتأخر في دول الخليج الى بداية أو منتصف أكتوبر. مع الإشارة الى أن المنتصف الأول من شهر يونيو لن يختلف كثيرا عن النصف الثاني لشهر مايو مع ميل لتسجيل حرارة مستقرة مع وجود عوامل مناخية مؤثرة.

 

ولقد صنفت بداية صيف العام الماضي خاصة شهر يونيو كشهر شاذ عن متوسط درجة حرارة سطح الأرض العالمية العادية والطبيعية، حيث بلغت فيه درجة حرارة الهواء أعلى من + 0.45 درجة مئوية من متوسط حرارة يونيو العادية خلال الفترة 1981-2010، وصنف شهر يونيو الماضي الأكثر حرارة منذ عام 1891، علما أن متوسط درجات الحرارة السطحية العالمية يرتفع بمعدل حوالي 0.72 درجة مئوية لكل قرن[8].

وتجدر الإشارة الى أن الرصد يعتني بدراسة اتجاهات توقعات حرارة الطقس في النصف الأول لفصل الصيف في المدن الكبرى لدول الخليج وخاصة العواصم دون احتساب حرارة المناطق البرية أو الصحراوية الأخرى التي قد تختلف فيها قياسات تغير ذروة الحرارة.

توقعات حرارة الصيف في دول مجلس التعاون الخليجي

في الكويت، من المرجح تسجيل انخفاض بنحو درجتين لمتوسط الحرارة وتقلص فترات الذروة في النصف الأول من هذا الصيف الى غاية منتصف يوليو. ومن المتوقع ان لا يتعدى متوسط الحرارة 44 درجة في النصف الأول من الصيف مع درجات قياسية قد تبلغ 47[9]، مقارنة بمتوسط 45 الى 46 درجة لحرارة صيف العام الماضي ودرجة ذروة بلغت 50 درجة في يونيو الماضي.

أما الامارات، فيميل بداية الصيف في العاصمة أبوظبي وبقية أغلب الامارات كدبي الى الاستقرار عند متوسط درجة حرارة تناهز نحو 40 درجة في شهر يونيو مقارنة بمتوسط حرارة في الفترة نفسها العام الماضي بلغت بين 42 الى 43 درجة مع تسجيل درجة قياسية بلغت 47 العام الماضي مقابل 42 درجة فقط متوقعة هذا العام[10].

وفي السعودية، لا تختلف كثيرا اتجاهات حرارة بداية الصيف في العاصمة الرياض وضواحيها في شهر يونيو من هذا العام عن العام الذي سبقه. فمن المرجح أن تميل درجات الحرارة الى الاستقرار عند متوسط يتراوح بين 42 الى 43 درجة[11] تقريباً متوسط الحرارة نفسه في الفترة نفسها من العام الماضي مع تسجيل فترات ذروة للحراة أقل من العام الماضي، ويبلغ متوسط درجة الذروة نحو 45 درجة مئوية.

قطر بدورها من المنتظر أن تميل حرارة بداية الصيف في عاصمتها الدوحة وضواحيها في شهر يونيو المقبل الى الاستقرار عند متوسط درجة تناهز نحو 41 درجة[12] مقارنة بمتوسط حرارة في الفترة نفسها العام الماضي بلغت متوسط 44 درجة مع تسجيل درجة قياسية بلغت 49[13] العام الماضي مقابل 43 درجة فقط متوقعة هذا العام.

أما البحرين، فيميل اتجاه الطقس في بداية الصيف في العاصمة المنامة وضواحيها في شهر يونيو الى الاستقرار مع انخفاض متوقع لدرجات الحرارة عند نحو 38 درجة مقارنة بمتوسط حرارة مرتفع في الفترة نفسها العام الماضي بلغ 41 درجة[14] مع تسجيل درجة قياسية بلغت 45 العام الماضي مقابل عدم توقع تسجيل ذروة هذا العام.

وفي سلطنة عمان، تشير الأرصاد الى اتجاه حرارة الطقس في بداية الصيف في العاصمة مسقط وضواحيها في شهر يونيو الى الاستقرار مع انخفاض متوقع لدرجات الحرارة بين 37 الى نحو 38 درجة[15] مقارنة بمتوسط حرارة مرتفع في الفترة نفسها العام الماضي بلغ أكثر من 40 درجة مع تسجيل درجة قياسية بلغت 44 العام الماضي مقابل عدم توقع تسجيل ذروة هذا العام.

العقد الماضي أكثر العقود حرارة منذ 170 عاماً والأكثر تحفيزا لتطور الفيروسات

على الرغم من توقع تراجع طفيف في ذروة الحرارة، تستمر درجات الحرارة في العالم وفي منطقة الخليج في تسجيل مستويات فوق طبيعية لكن بحدة أخف من صيف العام الماضي، وسيشمل الارتفاع المحتمل للحرارة الشديدة أيضاً مناطق مثل القطب الشمالي، المحيط الهادئ الاستوائي (باستثناء شرق جنوب المحيط الهادئ)، شمال غرب وشمال شمال المحيط الهادئ، المحيط الهندي (باستثناء المنطقة الجنوبية)، والمنطقة الاستوائية وشبه الاستوائية، ومنطقة بحر الكاريبي، مع قارات أفريقيا وأستراليا وأمريكا[16]. ومن المتوقع مع بداية الخريف المقبل تحسن مستوى هطول الأمطار شبه الطبيعية في شمال إفريقيا وشمال المملكة العربية السعودية[17]. وتأتي هذه التوقعات مخالفة لمسار العوامل المناخية المرصودة العام الماضي.

وفي بيان لها أكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن حالة المناخ العالمي في عام 2019، أن حرارة صيف العام الماضي كسرت متوسط الحرارة الطبيعية في السنوات والعقود الأخيرة، حيث تم تصنيف عام 2019 كثاني أكثر الأعوام دفئًا على الإطلاق بعد عام 2016، مع اعتبار العشر سنوات الأخيرة (2010-2019) أكثر العقود دفئًا على الإطلاق منذ عام 1850[18]. وقد يثير هذا التزامن بتصنيف العقد الماضي كأكثر العقود حرارة منذ 170 عاماً وظهور أكثر من فيروس ووباء خلاله (H1N1) في 2009، ووباء كورونا المستجد في 2019، احتمالات صلة دف سطح بتطور الفيروسات.

وتؤثر علامات تغير المناخ مثل زيادة حرارة الأرض والمحيطات، وتسريع ارتفاع مستوى سطح البحر وذوبان الجليد سلباً على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وصحة الإنسان، وحركات الهجرة والنزوح، والأمن الغذائي، بالإضافة الى التأثيرات على الحياة البرية والبحرية والنظم البيئية.

وتشير التوقعات العشرية الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية إلى أنه من المرجح أن يسجل الرقم القياسي العالمي الجديد لدرجات الحرارة العالمية في السنوات الخمس المقبلة، وبالتالي فهي مسألة وقت. وقد بات من الضروري بشكل غير مسبوق زيادة خفض انبعاثات الغازات الدفيئة للتخفيف من آثار تغير المناخ.

وقد أدى ارتفاع درجات الحرارة القياسية زيادة نشاط فيروسات مثل فيروس حمى الضنك في عام 2019، مما جعل من السهل على البعوض نقل المرض على مدى عدة عقود[19]. كما عانت مناطق كثيرة في العالم من تطرف الظواهر المناخية، حيث تضررت عدة بلدان من تقلبات المناخ كالجفاف والامطار الغزيرة غير المنتظمة، وهو ما كان عاملاً في أسوأ تفشي للجراد في السنوات الـ 25 الماضية.

وفي احدى تصريحاته الأخيرة، لم يحسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس صحة احتمال وجود رابط بين الانتشار المستمر لـ COVID-19 وتأثيره المحتمل على المناخ، الا أنه لاحظ أن تغير المناخ يظل ظاهرة ستتعايش معها البشرية لعقود وتتطلب إجراءات مستمرة[20]. وهو يدفع الى زيادة ضرورة اتخاذ الحكومات الخليجية خاصة، باعتبار مناخها الحار، اجراءات أكثر استشرافاً للتغيرات المناخية المستقبلية المتسارعة من أجل تقليص التعرض لتقلبات الطقس وتداعيات الاحتباس الحراري.

المصدر: مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC)

 

الهوامش:

[1] WORLD METEOROLOGICAL ORGANIZATION, http://worldweather.wmo.int/en/region.html?ra=2
[2]Accuweather,  https://www.accuweather.com/en/middle-east-weather
[3] World wildlife Fund, 2020: A CRITICAL YEAR FOR OUR FUTURE AND FOR THE CLIMATE, 2020, washighton,https://www.worldwildlife.org/stories/2020-a-critical-year-for-our-future-and-for-the-climate
[4] Accuweather,  https://www.accuweather.com/en/middle-east-weather
[5] المرجع نفسه
[6] المرجع نفسه
[7] المرجع نفسه
[8] WMO, Regional Climate Center, Monthly Anomalies of Global Average Surface Temperature in June (1891 – 2019), https://ds.data.jma.go.jp/tcc/tcc/products/gwp/temp/jun_wld.html
[9] Accuweather,  https://www.accuweather.com/en/middle-east-weather
[10] Accuweather,  https://www.accuweather.com/en/middle-east-weather
[11] المرجع نفسه
[12]المرجع نفسه
[13] المرجع نفسه
[14] المرجع نفسه
[15] المرجع نفسه
[16] Climate Outlook for April – September 2020, APCC, https://apcc21.org/ser/outlook.do?lang=en
[17] المرجع نفسه
[18] UN report, Flagship UN study shows accelerating climate change on land, sea and in the atmosphere, March 2020, https://news.un.org/en/story/2020/03/1059061
[19] المرجع نفسه
[20] المرجع نفسه