ادارة أبحاث المركز
(MenaCC)
8 سبتمبر 2020
الملخص: تصدرت الكويت قائمة الدول العربية التي بذلت جهوداَ استثنائية في مكافحة الفساد خلال 2020 بدافع ضغط نيابي وشعبي. الا أن تأثير محاربة الفساد على الادارة والمجتمع قد يكون مؤقتاً ان لم يحدث تغيير جوهري وشامل على مستوى آليات صنع القرار والرقابة على العمل الحكومي وانفاذ القوانين.
وحسب تقرير مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية (MenaCC) حول تأثيرات تداعيات وباء كورونا على مؤشر الفساد في العالم العربي حسب الجهود الحكومية المبذولة خلال فترة الربع الثاني والثالث من العام الجاري بالاستناد على دراسة إحصاء مقارن بين الدول العربية للإجراءات والقوانين والتشريعات المتخذة لمحاربة الفساد، فقد تقدمت الكويت بقية الدول العربية في جهود مكافحة الفساد بالنظر لمؤشري عدد القضايا المنظورة في المحاكم وعدد البلاغات والأحكام الصادرة في قضايا فساد. وارتفعت نسبة البلاغات والشكاوى المتعلقة بالفساد بنحو 100 في المئة مقارنة بنحو 50 في المئة في 2018. كما تم حسم أكثر من قضية فساد بعد سرعة وتيرة التحقيق والتي تناهز قيمة بعضها أكثر من 10 مليارات دولار.
وفي حين رجحت بعض الأبحاث أن تؤثر تداعيات وباء كورونا على جهود مكافحة الفساد في العالم والدول العربية حيث زاد مؤشر مدركات الفساد في بعض الدول تحت تأثير الارتباك الإداري وتشتت الانتباه الشعبي والجهد الرقابي لمحاسبة العمل الحكومي في إدارة أزمة غير مسبوقة[1]، نجحت الكويت في المقابل في تقليص النزعة للفساد عبر حملة شاملة ضد المتورطين في الفساد على عكس بعض الدول الاخرى. ففي ظل زيادة الصراعات السياسية الداخلية في بعض الدول العربية تحت وطأة تداعيات الوباء وتراجع مدوي لمؤشرات التنمية، من المتوقع أن مظاهر الفساد قد زادت خلال أزمة كورونا بحجج مختلفة قد تكون أبرزها صفقات مشبوهة لتلبية تطلعات عاجلة فرضتها الجائحة على سبيل المثال.
وقد اخترقت السلطات الكويتية خلال فترة وجيزة شبكات واسعة ومعقدة من الفساد تمثلت أبرز مظاهره في غسيل الأموال والاختلاس والرشاوى والتكسب غير المشروع وسوء استخدام السلطة والتجسس على المواطنين.
وعلى الأرجح -ان استمرت وتيرة الحملة الكويتية الشاملة على الفساد وغسيل الأموال- أن يتحسن ترتيب البلاد في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية العالمية بوتيرة قد تمثل قفزة مقارنة بالسنوات الماضية وبالدول العربية الأخرى مع توقع قفزة في تصنيفات دولية للكويت خاصة من ناحية مؤشرات الشفافية وانفاذ القانون والمساواة أمامه والمحاسبة ونزاهة المعاملات والأعمال والإدارة وتعزيز دولة القانون والمؤسسات. وهذا التحسن قد ينعكس ايجاباً على توقع نمو مضطرد للاستثمارات الخارجية والإقليمية والمحلية في الكويت في المدى القريب ويمكن ملاحظة ذلك بداية من العام المقبل.
ومن المتوقع أن تتدارك الكويت ترتيبها الدولي في مؤشر مدركات الفساد بعد أن تراجعت بنحو 7 مراتب في العام الماضي[2]. وقد نجحت الدولة في تحويل محاربة الفساد الى حملة شعبية يشارك فيها النواب وأفراد الشعب ومنظمات المجتمع المدني ما عزز زيادة المشاركة في الابلاغ عن حالات تجاوزات أو فساد كالرشوة والتكسب المالي واستغلال النفوذ وشبهات غسيل أموال وهو ما سيجعل بيئة الاستثمار في الكويت أكثر أمانا وأقل مخاطرة.
ونجحت الكويت في تحسين سرعة استجابة السلطات الأمنية والقضائية لهدف محاربة الفساد عبر رصد ارتفاع وتيرة التحقيقات والتتبعات المعلنة وغير المعلنة وزيادة قرارات انفاذ القوانين على المتورطين مهما كان موقعهم الاجتماعي ما مثل توجهاً رادعاً قد يسهم في تبلور ثقافة جديدة تعزز من ترسيخ مبدأ شفافية المعاملات ونزاهة الاجراءات والمساواة أمام التطبيق القانون. وتسهم حملة الكويت لمحاربة الفساد في ترسيخ علوية القانون ومساواة المواطنين أمامه مهما كانت صفتهم الاجتماعية او الاقتصادية او السياسية في الدولة. وهي مبادرة من شأنها ان تعزز ثقافة ردع قوية ضد محاولات الفساد في المستقبل.
وكانت الكويت قد اتخذت خطوات جريئة نحو الإصلاح ومقاومة الفساد والتغيير بدأت منذ أواخر العام الماضي باستقالة الحكومة وسط تهم بهدر المال العام، في ظل استعداد مجلس الأمة لانتخابات قريبة[3]. وبدأ حراك التغيير بموجات الغضب بعيد انطلاق الجلسة البرلمانية في سبتمبر الماضي وأطلق مجموعة من النواب مطالبات باستجواب وزراء في الحكومة. واعتبر تشكيل حكومة جديدة بمثابة خطوة عكست حسن نية شعبوية لتجسيد تغيير جوهري في المنظومة الكويتية الشاملة على شتى الأصعدة.
وتواصل مسار الإصلاح بضغط من مجلس الأمة لتصل ذروته للنطق بالحكم في قضية ضيافة الداخلية وسجن شخصيات مرموقة من نخبة والمجتمع على خلفية عملية اختلاس كبرى للمال العام لتستمر الحملة ضد الفاسدين بعد التحقيقات في عشرات البلاغات عن مظاهر مختلفة من الفساد وتضم عشرات المتهمين بينها شخصيات نافذة ومعروفة وهي متهمة بتسهيل الفاسد او بشبهات غسيل أموال وتكسب غير مشروع.
2020 © مركز الشرق الأوسط للاستشارات الاستراتيجية والسياسية MenaCC
الهوامش:
[1] Control risks report 2020, https://www.controlrisks.com/campaigns/the-capacity-to-combat-corruption-index
[2] Kuwait corruption ranking 2019, https://take-profit.org/en/statistics/corruption-index/kuwait/
[3] Kristin Smith Diwan, Kuwait Shakes Up Its Government amid Charges of Corruption, agsiw, Nov 21, 2019, https://agsiw.org/kuwait-shakes-up-its-government-amid-charges-of-corruption/