– خلافة طالبان قد تتعثر لهذه الأسباب
– “طالبان” ومشروع الخلافة المعدل: ازدواجية الشريعة والبراغماتية
– الإبقاء على النهج المحافظ وبراغماتية سياسية والقطع مع حقبة 96 وخلافات مرجحة مع تنظيم القاعدة
– طابان لا ترغب في مسح ارث عقدين من الوجود الأميركي في الوقت الراهن
ادارة الأبحاث
مركز MENACC
28 أغسطس 2021
الملخص التنفيذي: أفغانستان ليست باتجاهها على ما يبدو عكس بعض التخوفات الدولية الى التحول الى امارة إسلامية متشددة ومغلقة ومصدرة للإرهاب في المدى القريب. فسياقات فرض أجندة “التطرف المجاني” لم تعد في المدى القريب ملهمة لجماعة “طلبة العلم” المعروفة بحركة طالبان التي عادت للاستيلاء على الحكم بشكل سلمي بعد عقدين من الزمان من الوجود الأميركي الذي انتهى بمفاوضات أفضت قرار انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان ومن غير المستبعد من الشرق الأوسط مستقبلاً.
يعرض مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية الاستراتيجية (MenaCC) في دراسة من 4 أجزاء “واقع وتحديات وتداعيات حكم طالبان”. تكشف خلاصة البحث أن طالبان تخطط لإحكام القبضة على أفغانستان على مراحل. قد تكون المرحلة الأولى تودد فيها للغرب بوعود عدم فرض تغيير جوهري للنظام والمعاملات، وهو ما قد يضمن لها الاعتراف الدولي وتدفق المساعدات. لكن المرحلة الثانية قد تفضي لنشأة دولة دينية يغلب التطرف والتشدد على قوانينها وسياساتها التزما بثوابت أسس التكوين الفكري والايديولوجي للحركة. الاحتمال الثاني وضعته الاستخبارات الأميركية بمحمل الجد ولذلك راهن المفاوضون الأميركيون على تأهيل الجيل الثاني من طالبان وتعزيز تكوينهم السياسي لإعادة انتاج خطاب ملهم لأنصار الحكة يتماشى مع ازدواجية الهوية المحافظة وبراغماتية المعاملات. وينظر الأميركيون باهتمام لنجاح تجربة هجين طالبان في نسختها المعتدلة رغم وجود جانب متطرف تسعى واشنطن الى اقصائه.
واستفادة من تجربتها في العراق سعت واشنطن الى تدارك خطئها المتمثل في الرهان على فئة سياسية تسيطر عليها محدودة الشعبية على الأرض لقيادة البلاد وهذا الخطأ التكتيكي أنتج على المدى المتوسط حربا أهلية استنزفت المؤسسات والأرواح وأعاد انتاج الإرهاب بأشكال مختلفة، وبدلاً عن ذلك أبقت واشنطن رهانها على من يمتلك النفوذ على الأرض بالإشارة الى حركة طالبان التي لم تصنفها ضمن التنظيمات الإرهابية لكنها سعت لتعديل سياساتها المتشددة وتقديم اغراءات لتمكين الحركة من الحكم والاعتراف الدولي.
فاستيلاء حركة طالبان الأصولية المتشددة على الحكم لم يعد يعني عودة حقبة الإرهاب واحياء مجد تنظيم القاعدة الموالي الأول لجماعة طالبان التي كانت تستضيف خلال حكمها القصير منتصف التسعينات (96-2001) أكثر التنظيمات التكفيرية والجهادية الدولية خطورة في العالم. حيث ترجح تقارير كثيرة أن النخبة الجديدة لصفوف قادة طالبان تتقدمها شخصيات براغماتية تحمل مشروعاً لرؤية حكم مختلف عما كانت تؤمن به قادة الحركة السابقين في التسعينات. رؤية قد تكون مؤقتة وتكتيكية تعطي أولوية اعتماد مسار الاعتدال من اجل مغازلة الغرب مع استخدام تهديد الإرهاب الأصولي كورقة ضغط على الغرب في حال عدم الاستجابة لمطالب طالبان. ففي حال إقرار الغرب لعقوبات على الحركة قد تحرك طالبان ورقة الإرهاب وتسهل تحرك التنظيمات الإرهابية وتسهيل استهداف المصالح الأجنبية في الداخل والخارج.
ولعل حادثة تفجير مطار كابول ومقتل العشرات بينهم جنود أميركيين خلال عمليات اجلاء[1] للقوات والرعايا الأجانب هي رسالة واضحة عن خطورة الوضع الأمني في أفغانستان وتحرك التنظيمات الإرهابية المتنازعة مع طالبان والتي لا تخضع لسيطرتها وحتى تنظيمات إرهابية أخرى كتنظيم القاعدة الذي يشترك مع تنظيم “داعش” فرع خرسان في استهداف الأميركيين والقوات الأجنبية.
وبذلك فان حركة طالبان التي أدانت حادثة التفجير بشدة ترسل رسالة غير مباشرة للغرب حول دقة مخاطر الوضع الأمني وتعرض بشكل غير مباشر قدراتها للسيطرة على التهديدات مقابل تعزيز قدرات الحركة العسكرية والمالية وذلك من خلال استمرار تدفق المساعدات الأجنبية التي توقفت مع استيلاء الحركة على السلطة في أغسطس[2]. ومن المرجح أن تعزز حادثة تفجير مطار كابول المفاوضات بين طالبان والقوى الدولية من أجل دعم الحركة في السيطرة على تنظيمي “داعش” والقاعدة النشطين في أفغانستان وكبح تحركاتهما المعادية الداخلية والخارجية.
أولويات رؤية طالبان قد تتناقض تماماً مع معتقد التنظيمات الجهادية وخلاياها النائمة في أفغانستان وخارجها وفي مقدمتها كل من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المتصارعين التي ترجح التقارير على أن تدخل طالبان في حرب باردة مع كليهما وبعض التنظيمات المتشددة المختلفة في المدى القريب والمتوسط.
وقد يكون الخلاف مع التنظيمات الأصولية سبباً في حدوث انشقاقات داخل الحركة نفسها، حيث لا يستبعد وجود خلاف بين جناح الصقور المتطرفين في الحركة المتعاطفين مع القاعدة وداعمي شعار الإرهاب والتكفير من جهة، ومن جهة أخرى بين قادة الحركة السياسيين المؤيدين للعمل السياسي بدل القتال والبقاء في الحكم أطول فترة ممكنة من أجل احداث تغيير جوهري في البلاد وحكمها بقوانين إسلامية لكن مع مراعاة التدرج والاختلاف والسماح ببعض الحريات في البداية وهذه خلاصة أكثر الضمانات التي قدمها ممثلو طالبان خلال مفاوضاتهم مع الولايات المتحدة في قطر. وبذلك تواجه حركة طالبان تحديات الانقسام بسبب اختلاف السياسات والرؤى بين القادة والمؤثرين في الحركة.
يقود شق الاعتدال زعيم حركة طالبان ورئيس مكتبها السياسي في قطر سابقا الملا عبد الغني برادار[3] الذي من المرجح انه المفاوض المحنك بين قادة الحركة، حيث اجتمع بأغلب المسؤولين الأمريكيين والدوليين والعرب. ويبدو انه الرجل الذي تعوّل عليه واشنطن لتغيير سياسات الحركة. في المقابل يقود شق التطرف سراج الدين حقاني[4] ممثل شبكة حقاني التي أسّسها والده جلال الدين حقاني، وتعتبر أكثر الفصائل المتشددة إثارة للرعب في أفغانستان وينسب إلى شبكة حقاني أعنف الهجمات في السنوات الأخيرة والتي أودت بمدنيين ومسؤولين حكوميين وقوات أجنبية.
لكن ترجح دراسة تطور التموقع العسكري والأداء السياسي لحركة طالبان أن شق التطرف وجناحه داخل الحركة أكثر تجذرا وتنظيماً وحماساً من جبهة مؤيدي الاعتدال والعمل السياسي بدل السيطرة بالعنف والحرب[5]. وعلى نقيض صفوف المعتدلين رغم محدودية نسبتهم في الحركة حيث توجد بينهم نخبة متعلمة ومتمكنة من علم الإدارة، يعتبر في المقابل السواد الأعظم من عناصر طالبان خاصة على مستوى القيادات الوسطى والمقاتلين -مقارنة بالمعتدلين- أقل تعليما وقدرة على فهم تكتيكات السياسة بقدر إتقان فنون القتال الميداني. وقد يظهرون مقاومة شديدة في التأقلم مع مناصب جديدة لحكم البلاد في المدي القريب. وتحتاج الحركة لآلاف من أنصارها لتعيينهم في مناصب قيادية في مختلف المحافظات في المدى القريب، لكنها على ما يبدو ايقنت النقص الكبير في نسبة المؤهلين من أنصارها على مستوى إدراك العمل الإداري والسياسي ولذلك أبقت على سير دواليب الدولة بموظفي الحكومة الأفغانية الذين عادوا بطلب من الحركة لتسيير مرافق البلاد.
وتنتشر الأمية بين صفوف مقاتلي طالبان[6]، فيما يغلب عليهم فكرة الاتباع والتأييد والولاء أكثر من الاقتناع ببرنامج سياسي لقادة الحركة. حيث ماتزال عضوية الحركة مبنية على الولاء والطاعة ونصرة الإسلام وإقامة خلافة إسلامية. وضمن هذه الأهداف الحالمة لدى غالبية عناصر الحكرة، تقل نسبة المتطلعين لتطوير فكر الحكرة وعملها السياسي لتصبح حزبا مدنيا وتستغني عن السلاح.
وتحتاج الحركة لوقت من أجل ترتيب بيتها الداخلي وتحقيق الانسجام خاصة مع وجود رغبة مشكوك فيها دولياً بين بعض قادتها من أجل دعم سياسات الاعتدال. لكن قد لا تملك الحركة القدرة على السيطرة على كل أنصارها او حلفائها في الوقت الراهن وتجبرهم على الاعتدال ونبذ العنف والقتل وتخيير التسامح والعمل السلمي بديلا عن ذلك. حيث تغيب هذه الأدبيات عن تاريخ عمل الحركة. وربما قد يأخذ اصلاح أدبيات الحركة وقتا طويلا في ظل ممانعة قد تظهر بين صفوفها وداعميها لترك السلاح وتغيير معايير تصنيف الأعداء والاصدقاء على أساس المصالح المشتركة وليسن على أساس أيديولوجي.
الأساس الأيديولوجي والنضال العسكري ضد السوفيات والأمريكيين هو ما يمثل رابط الانسجام بين قادة الحركة وشرعيتهم الوحيدة بين مؤيديهم. وبذلك قان تم الاستغناء عن هذا الأساس وتغييره ببرنامج سياسي منفصل قد تلعب فيه المصالح دورا كبير فقد يتم تسجيل صراع بين القادة على غنائم السيطرة على السلطة خاصة في ظل اغراءات دولية باستمرار الدعم المالي الخارجي مقابل اظهار الحركة لتغيير في نهجها ونبذها قيم التطرف.
الاتصال السري بين طالبان وواشنطن
في مارس 2020، بعد أيام من توقيع الاتفاقية بين واشنطن وطالبان، أجرى الرئيس الأميركي مكالمة هاتفية مدتها 35 دقيقة مع الملا عبد الغني برادار، أحد مؤسسي حركة طالبان ورئيس مكتبها السياسي في قطر. وتتوقع الولايات المتحدة من طالبان الوفاء بالتزاماتها.
وقد تعهدت طالبان بالحد من العنف وقطع العلاقات مع القاعدة والتفاوض مع الأفغان الآخرين لصياغة خارطة طريق سياسية لمستقبل بلادهم. كما التزمت طالبان بضمان عدم استخدام الجماعات المسلحة للمناطق التي تسيطر عليها[7].
وتم انتقاد الاتفاق الأميركي مع طالبان على أنه غطاء لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان بعد نهاية أطول حرب لها خارج حدودها وتكبدها خسائر دون تحقيق نتائج حقيقية أو النجاح في إقامة مشروعها بإقامة ديمقراطية حديثة في أفغانستان وبناء نظام اقتصادي واجتماعي ليبرالي متطور وبمعايير غربية. لكن لم تنجح أميركا في القيام بمشروع ثقافي يرسخ قيماً جديدة للأفغان الشباب بعيدة عن الأصولية والعادات الإسلامية والقبلية[8]، وهذا ما استفادت منه طلبان في تحركها على الأرض وتأييد عودتها للحكم بالأهداف نفسها مع بعض التعديل للاستجابة للتحديات الجديدة.
وان كانت تداعيات الانسحاب الأمريكي فاجأت الرأي العام الدولي وخاصة الشعب الأميركي الا أن جزء كبيرا من هذه التداعيات كانت في دائرة توقعات الادارة الأمريكية وفق تقارير استخباراتية ميدانية، رغم تداول معلومات مضللة حول صدمة الحكومة الأميركية مما يجري في أفغانستان وسرعة سيطرة طالبان على الحكم. الا أن هذا السيناريو كان معداً مسبقاً لانتقال سلمي للسلطة مع ضمانات غير معلنة قدمتها طالبان للولايات المتحدة والقوى الدولية برعاية قطرية ضمن اتفاقية بقيت بنودها على الأرجح سرية.
وللتأكيد على وجود اتصال سري بين واشنطن وحركة طالبان لم تصنف الإدارة الاميركية الحركة كمنظمة إرهابية أجنبية[9] وهو ما يكشف رهان الإدارة الأمريكية على احداث تغيير في صلب سياسات الحركة وجعلها أقرب من الدولة المحافظة في حال أرادت الاعتراف الدولي بها. في اتفاق فبراير 2020 بين الولايات المتحدة وطالبان، تعهدت الحركة ببذل جهود غير محددة لمكافحة الإرهاب مقابل الانسحاب الكامل للقوات العسكرية الأمريكية والدولية، على أن يكتمل في أغسطس 2021. ويختلف المراقبون حول كيفية حكم طالبان وسلوكها تجاه الجماعات الإرهابية[10].
ولقد كان انفتاح الولايات المتحدة على التفاوض مع حركة طالبان مدفوعا أولا بسرعة إعادة تنظيم الحركة لشتاتها بعد حرب 2001 وتمثيلها لتهديد على القوات الأميركية، وثانيا غياب فصيل أو تنظيم أو حزب سياسي منظم يضاهي طالبان التي رغم انتقادها من الداخل فهي لديها قاعدة شعبية وموالون كثيرون خاصة من القبائل المحافظة.
ولم تستطع الولايات المتحدة على امتداد بقائها في أفغانستان أن ترعى حليفا سياسيا أفغانيا يضاهي طالبان في التزامها وتنظيمها رغم عدم الثقة المشتركة. الا أن أولوية واشنطن بضغط من دعوات الانسحاب من أفغانستان راهنت على التفاوض مع طالبان المسيطرة على الأرض وذلك بهدف ضمان استقرار نسبي ومنع تحول أفغانستان لمنصة جديدة لتنظيمات ارهابية تهدد أميركا مستقبلاً وثانياً من أجل الحفاظ على الحد الأدنى من الإرث الأميركي المتمثل في أسس النظام الديمقراطي الهش المقام في أفغانستان وهو ما تحتفي به عادة الإدارة الأميركية كانتصار معنوي للترويج للمعايير الأميركية وهو ما لم يتحقق بالشكل المطلوب.
وكان إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن في أبريل 2021 عن نيته سحب القوات الأمريكية بالكامل بحلول 11 سبتمبر 2021 حصد إشادة وانتقادات في الوقت نفسه من بعض أعضاء الكونغرس، الذين طالما ناقشوا التكاليف والفوائد النسبية للوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان. رحب البعض بالإعلان، مشيرين إلى ما وصفوه بنجاحات الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب أو الحاجة إلى إعادة ترتيب أولويات المصالح العالمية للولايات المتحدة. وحث أعضاء آخرون الرئيس بايدن على إعادة النظر في الانسحاب لصالح مسار قائم على شروط أبرزها عد التضحية بالنخبة السياسية الأفغانية التي أشرفت على تأهيلها واشنطن لترسيخ القيم الديمقراطية الأميركية في البلاد.
الطبقة السياسية الأفغانية الحاكمة على امتداد العشرين عاماً الأخيرة بعد سقوط طالبان في 2001 كانت متناقضة الولاءات تفتقد للشرعية الشعبية وتغلب عليها الانتهازية والفساد. فالواقع السياسي الأفغاني الضبابي كان للوجود الأمريكي دور في تعميق أزمته، حيث دعمت الإدارة الامريكية نخبة سياسية عالية الثقافة من أجل تسهيل ترويج المعايير الديمقراطية لكن ليست لهذه الشخصيات شعبية كبيرة بين محدودي التعليم والثقافة والذين يمثلون نسبة كبيرة من الشعب الأفغاني[11]. هذه النخبة التي تصدرها بداية الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي ثم أشرف غني كانت تمثل طبقة الأقلية بين الأفغان. وهذا الخطأ نفسه الذي وقعت فيه الادارة الأميركية في العراق بدفعها لنخبة معارضة قضت أغلب نشاطها السياسي خارج العراق ودعمتها من أجل حكم شعب لا يعرف بشكل جيد نخبته الحاكمة الجديدة. ويعتبر جزء من الشعب الافغاني-حسب دعاية طالبان- أنه طيلة العقدين الماضيين النخبة التي تحكمه مدفوعة من الغرب وأساس حكمها هش لأنها تستمد الشرعية من الحماية الامريكية لها.
وفي ظل غياب وجود منافس قوي لطالبان على الأرض تأخر انسحاب أميركا لعقدين من الزمان من أفغانستان، تأخير كلّف أميركا نحو أكثر من تريليون دولار دون آفاق مشجعة، فضلاً عن مؤشرات عن عدم النجاح في خلق حياة سياسية صلبة ونظام سياسي قوي، اذ تنقصه الشعبية والشرعية. وبالتالي فقد عادت لفرضية تأهيل أكبر جماعة منظمة في البلاد وهي حركة طالبان وحاولت دعم تطور فكر الحركة وجعلها على شاكلة حزب مؤهل للسياسة أكثر من ميليشيا عسكرية تمتهن الإرهاب والقتال.
على صعيد آخر، يشجع صمت البيت الأبيض عن الادلاء بردود أفعال تتناسب مع التغطية الإعلامية الأميركية والدولية زيادة رواج نظريات المؤامرة التي ترجح فكرة ضعف قوة أميركا وتضخيم قدرات عناصر طالبان التي وصلت لسدة الحكم ودخلت القصر الرئاسي دون إطلاق رصاصة واحدة. وهذا الغموض الذي اكتنف سيطرة طالبان السريعة على الحكم يمثل أكبر دلالات عن سياسات اميركا الدعائية التضليلية، حيث تستفيد الإدارة الأميركية بشكل او بآخر من وجود هالة من الخوف تحيط بطالبان حتى تقلل من فرص التصادم بين الحركة ومجموعات أخرى مناوئة لها، كما تسهل لها خضوع الدولة التام لإدارتها دون معارضة جادة.
ونجحت آلة الدعاية الدولية التي تصور طالبان في مظهر الجماعة السنية المتشددة في اثارة مخاوف بعض الدول خاصة تلك التي لا تخفي انزعاجها من مستقبل حكم الحركة السنية وأسس علاقاتها مع جيرانها ودول الخليج، فتقاربها مثلا من السعودية ودول الخليج قد يمثل متغيرا مقلقا بالنسبة لإيران المحاصرة بين حلف قد يمتد من الخليج الى أفغانستان ان تأكدت معالم التفاهمات التي أشرفت عليها الدوحة.
حركة طالبان التي فاجأ قادتها العالم والأفغان أنفسهم بزيهم الإسلامي وأسلحتهم الرشاشة من القصر الرئاسي خلال اعلانهم الاستيلاء السلمي على السلطة في ساعات معدودة بعد بداية الانسحاب الأميركي من البلاد، استولت على السلطة بطريقة اعتقدت تقارير كثيرة أنه سيناريو معد مسبقاً ويندرج ضمن آخر مراحل تنفيذ اتفاق دولي وسري لحكم حقبة جديدة تراوح بين النظام المحافظ والانفتاح الحذر.
ازدواجية معايير حكم حركة طالبان وتكييفها من أجل الاعتراف الدولي
يبدو أن حركة طالبان تعلمت من دروس الماضي ومن أخطائها خلال مدة حكمها القصيرة في منتصف التسعينات. فطالبان اليوم قد ترفض انتاج ذرائع لانسحابها من المشهد السياسي بحرب تبدو عالمية كما حدث في 2001. عناصر الحركة التي ظهرت قبل أكثر من نحو ثلاثة عقود من اليوم استجدت وجوه نسبة كبيرة منها خاصة فئة المؤسسين. حيث أن الجيل الثاني وحتى بعض ممن عاصر تأسيس الحركة استفادوا من المناقشات الفكرية والمؤتمرات السياسية والعلمية التي قد تكون عززت علم السياسة الحديث لدى البعض خاصة على مستوى التفاوض والديبلوماسية[12].
طالبان التي ترمز تاريخياً لجماعة من طلبة العلم تطمح لإقامة دولة اسلامية ظهرت في 1996 [13]وكان مؤسسوها يقاطعون علم السياسة الحديث بزعمه من العلوم الوضعية ملتزمين بإقامة امارة إسلامية بأحكام متشددة مستوحاة من الشريعة مع مقاطعة الغرب وتكفيره، يبدو انها (طالبان) شهدت اليوم تحديثاً كبيرا على مستوى استراتيجية مرحلية السيطرة الشاملة والبقاء في الحكم وتعزيز قدرات إدارة قياداتها الجديدة وحتى التاريخية خاصة على مستوى الانفتاح على إقامة علاقات مع الخارج وتكييف الشريعة التي تمثل دستور الحركة مع قيم الشعب الأفغاني المسلم بالانسجام مع الحد الأدنى من قيم الحداثة والديمقراطية العالمية التي تمثل مفتاح الاعتراف الدولي بطالبان وترسيخ أقدامها في حكم البلاد دون عقوبات أو حرب على الأقل في المرحلة الاولى.
سياسة براغماتية وازدواجية العلاقة مع الدين، والمزواجة بين الحفاظ على الثوابت والبراغماتية هي معالم نهج جديد بعلم أميركي مسبق واشراف قطري يكتسي بغطاء ديني يهدف لاستمرار حركة طالبان الحديثة في علوم السياسة في الحكم أكثر ما يمكن وتوقعات بتنازلات تقدمها في طريقها لذلك أبرزها توقعات بخلافات مع تنظيمات جهادية أبرزها “داعش” والجناح المتشدد في تنظيم القاعدة[14].
طالبان واحتمالات تغيير النهج بضغط أميركي
حركة طالبان يبدو أنها لا تريد العزلة الإقليمية أو الدولية، وعكس فترة حكمها بين 96-2001، من المرجح أنها تريد تغيير سياساتها على الأقل الخارجية واعتماد سياسة براغماتية وتوطيد علاقتها مع القوى العظمى والدول الإسلامية الأخرى مع اختيار الحياد. لكن رغم ذلك تخشى قوى دولية وجيران أفغانستان وملايين من داخل أفغانستان وخارجها من عودة حقبة التطرف والإرهاب بعودة حكم حركة طالبان بعد عشرين عاماً من اطاحة الجيش الأميركي بها بعد احداث 11 من سبتمبر 2001 أين كانت منصة دولية لاستقطاب الجهاديين المتشددين وفي مقدمتهم منتسبو تنظيم القاعدة، وكانت أكبر مصدر للتطرف في العالم.
الا أن هذه المخاوف التي أثارت الفزع بين الأفغان وجيرانهم وشعوب العالم من وجود امارة إسلامية متشددة قد تعيد للإرهاب قاعدة جديدة، وان كانت مبررة بحقبة حكم سابقة لطالبان بين 96 و2001، الا انها قد تبدو غير مبررة اليوم. اذ يبدو أن طالبان غيرت من خطابها السياسي ونهجها الفكري[15] مع المحافظة على السلفية لكن نزعت على ما يبدو ثوب التطرف مؤقتاً. ولا يعتبر ذلك مصادفة بل كانت خطة مسبقة لتأهيل طالبان للحكم بدأت منذ سنوات عقب فتح الحركة لمكتبها السياسي في قطر وبداية مفاوضاتها مع الولايات المتحدة للتحضير لمسار انتقال سلمي للسلطة بتفاهمات وضمانات تلتزم بها طالبان. أبرز هذه الضمانات فصل الدين عن السياسة في الحد الأدنى وانتهاج نظام سياسي يبقي على المعاملات وفق القوانين الإسلامية وإخضاع العلاقات لميزان المصالح المحققة مع الإبقاء على خصوصية المعاملات الداخلية وفق الشريعة الإسلامية مع تعزيز بعض الحريات خاصة للمرأة[16] وللإعلام، وتفضيل اعتماد نهج براغماتي بشكل تدرجي يوفر لأفغانستان موقعاً جديداً في العالم ومكانة كشريك في المنظومة التجارية الدولية فضلاً عن احتمالات دعم أميركي خليجي للقوة الأفغانية كقوة ضغط على ايران التي باتت مطوقة بين قوتين سنيتن وهو أمر يقلق طهران بشكل كبير.
لكن لا إيران ولا الولايات المتحدة ولا الغرب ولا دول الخليج قد تثق بنسبة مطلقة في وعود طالبان حيث ما من ضمانة ان تخرج طالبان عن السيطرة ان رسخت اقدامها في الحكم لكن قد تحتاج لحلفاء حيث انها لا يمكن ان تعزل نفسها عن العالم كنظام كوريا الشمالية.
الولايات المتحدة التي حافظت على سرية المفاوضات الطويلة مع حركة طالبان الى اليوم حتى بعد وصولها الى الحكم لا ترغب في تقديم تطمينات حول تغير فكر وسياسات الحركة ولكن ادعت انها ستراقب ماذا ستقوم بها الحركة وعلى أساسه تحدد سياساتها. هذا المسار الذي اتبعته الولايات المتحدة في التعامل مع الانسحاب كان مخططا له على الأرجح لعدم احباط المجتمع الدولي حول تنازل الولايات المتحدة عن قيم الحريات والديمقراطية في مفاوضاتها مع طالبان حيث رضيت فقط بالمصالح التي قد تتوفر لها من خلال الاتفاق مع الحركة بغض النظر عن شكل النظام وتراجع ممارسة الحريات وتطبيق الشريعة بدل القوانين العلمانية.
الحركة قد تنفتح على خصومها ولا تعمد النهج الإقصائي والانتقامي في المرحلة الاولى
يبدو أن طالبان لا تريد نزاعاً مسلحاً مجددا على أراضيها بقدر ما ستسعى لترسيخ أقدامها في الحكم وتكوين شبكة علاقات ومصالح إقليمياً ودولياً. وحسب تحركات وتصريحات قادتها[17] فإنها تريد الاستفادة من المصالح التي جنتها الحكومات السابقة في البلاد تحت اشراف الولايات المتحدة والقوى الدولية، وبالتالي فهي لم ترسل رسائل واضحة للقطع نهائيا مع الحقبة الماضية على الأقل لحين احكامها على مفاصل الدولة. لذلك سمحت بعودة الموظفين والدوائر الحكومية للعمل دون انقطاع[18] في رغبة منها لعدم الفصل التام بين المنظومة الجديدة التي تهدف لفرضها وبين المنظومة القديمة. وأعطت الاولوية لاستمرارية الدولة حتى تتمكن الحركة وقياداتها من استيعاب تعقيدات المنظومة التي أنشأتها بتناقضاتها الولايات المتحدة داخل أفغانستان.
ورغم إعلانها عن خصوصية حكمها المتعارض مع المنظومة الحالية، لا تشير خطابات قادة حركة طالبان العائدين من قطر الى رغبة مبطنة للتصادم في البداية مع القوى العظمى أو جيران أفغانستان والمجتمع الدولي بقدر ما ستستمر في ارسال إشارات تطمين بعدم وجود انقلاب بقدر ما هو تغيير لنظام حكم يحافظ على العلاقات الموجودة لكن برؤية وتوازنات مختلفة. وقد تكون بصمة سياسات الحركة واضحة خاصة في بناء علاقاتها مع من ستصنفهم سواء في خانة الشركاء أو الأصدقاء أو الأعداء.
في هذا الصدد يبدو أن قطر قد يكون لها دور في تقديم المشورة والنصح لقيادات الحركة خاصة بعدم معاداة المجتمع الدولي وجلب حرب جديدة في أفغانستان أو عقوبات اقتصادية. كما من غير المستبعد أن تلعب الدوحة التي استضافت لسنوات مسيرة المفاوضات بين الحركة والولايات المتحدة، أن تلعب دور الوسيط في تقريب وجهات النظر وتصحيح صورة طالبان المشبعة بالخوف والمخضبة بالدماء لارتباطها بالقاعدة والإرهاب. وهذا التغيير النمطي لصورة طالبان في الاعلام والراي العام الدولي يتطلب جهدا تسويقيا مضنياً قد يكون لقطر دور في تعزيزه أيضاً.
ورغم رسالة شكر رسمية وجهها زعيم طالبان عبد الغني برادار لقطر التي استضافت المفاوضات بين الحركة وواشنطن والحكومة الافغانية، الا أن قدرة الدوحة على استقطاب حكومة طالبان والتأثير في الشأن الأفغاني قد تضعف تدريجياً، حيث قد لا تلتزم الحركة بالاصطفاف في محور معين في ظل تناقض المصالح.
طالبان: هجين بين التشدد الديني والانفتاح على النمط الغربي
تفترض بعض التحليلات أن طالبان من المرجح أن تضغط من أجل الإشراف الديني على اتخاذ القرارات التنفيذية والتشريعية باعتبارها “هجينًا” من إمارتهم 1996-2001 ودولة على النمط الغربي[19]. في تصريحات في افتتاح المحادثات بين الأطراف الأفغانية في سبتمبر 2020، قال نائب الزعيم السياسي لحركة طالبان الملا عبد الغني برادار: “نسعى إلى أفغانستان دولة مستقلة وذات سيادة وموحدة ومتطورة وحرة وذات نظام إسلامي يمكن لجميع الأفغان المشاركة فيه دون تمييز “. ولاحقا في فبراير 2021، كتب بارادار أن الحركة ملتزمة بحماية حقوق معينة مع شروط، إطار الشريعة الإسلامية والمصالح الوطنية “. وفي يونيو الماضي، أشار متحدث باسم طالبان إلى تشكيل “حكومة إسلامية موسعة” بعد خروج القوات الأجنبية من أفغانستان.
وبالرغم من اجبار حلف الناتو لحركة طالبان على الخروج منهزمة من كابول في أعقاب هجمات منتسبين لتنظيم القاعدة حليف الحركة في 11 سبتمبر 2001 على نيويورك وواشنطن ظهر قادة الجماعة الإسلامية المسلحة مجددا وهم يستولون بكل بساطة على القصر الرئاسي في العاصمة الأفغانية محكمين قبضتهم على الدولة خلال ساعات بخلاف توقعات المخابرات الدولية.
ولعل الانتباه تركز خلال متابعة سيطرة طالبان على الحكم على سلمية انتقال السلطة وسعادة قادة الحركة بذلك في دلالات على أنه سيناريو معدة مسبقا خطوطه العريضة ومدونة في اتفاقية سلام جرى التفاوض عليها بعناية في الدوحة.
وتشير قدرة طالبان في إعادة تجميع صفوفها في 2004 أي خلال ثلاث سنوات فقط بعد الإطاحة بها منذ 2001 الى توفر إمكانات مالية وإمدادات لوجستية لإعادة تنظيم نفسها وامتلاك القدرة على تنفيذ هجمات ضد القوات الغربية والحكومة الأفغانية.
وبسبب الكلفة غير المسبوقة للتدخل الأميركي في الصراع الأفغاني طيلة عقدين وإنفاق نحو تريليون دولار وتكبد خسائر بشرية قدرت بنحو أكثر من 2300 قتيل دون جدوى، زادت في المقابل الأصوات الداعية منذ سنوات لتسريع نهاية الوجود الأمريكي مع دعم نظام ديمقراطي في أفغانستان وهو ما لم يتحقق على الأرض حتى وان تؤكد الإدارة الأمريكية نظرياً انجاز منظومة ومؤسسات مكرسة للديمقراطية. حيث تضخمت مشاكل
طالبان رغم محافظة قياداتها على بساطة المظهر والالتزام بالزي الإسلامي الخاص الا أنها تسعى لإظهار الجانب المشرق في رؤيتها للتغيير الذي يرعب عدم وضوحه المجتمع الدولي. لكن على ما يبدو تصرّ الحركة على سياسة المرحلية في الحكم وايلاء أهمية لاستمرارية الدولة قبل القطع مع المنظومة السابقة التي تتهمها الحركة بالفساد وتقسيم الشعب وتهميشه. كما أن الحركة بحاجة ماسة للتمويلات لاستكمال تحقيق رؤيتها في الحكم التي تصرّ هذه المرة أن يطول أكثر من خمس سنوات كالتي منحت لها بين 96 الى 2001 قبل الغزو على أفغانستان.
2021 © مركز الشرق الأوسط للاستشارات الاستراتيجية والسياسية MenaCC
المراجع:
[1] Dave Lawler, Laurin-Whitney Gottbrath, Kabul airport attack kills dozens of Afghans, 13 U.S. troops, Axios, https://www.axios.com/kabul-airport-explosion-abbey-gate-evacuation-cf0efd18-29b7-474f-b07a-0309ac919760.html
[2] NICOLE GOODKIND, Countries race to block Taliban from billions in Afghan funds, Fortune, August 18, 2021, https://fortune.com/2021/08/18/taliban-afghan-funds-us-reserves-biden-foreign-aid-nato/
[3] Mira Patel, Who are the Taliban – Part I: From hardliners to moderates, is there a generational shift?, July 22, 2021, https://indianexpress.com/article/research/who-are-the-taliban-part-i-from-hardliners-to-moderates-is-there-a-generational-shift-7416339/
[4] HAQQANI NETWORK, Update Report, https://www.dni.gov/nctc/groups/haqqani_network.html
[5] Vinay Kaura, The Taliban and the formation of a new Afghan government, August 24, 2021, https://www.mei.edu/publications/taliban-and-formation-new-afghan-government
[6] KIM THELWELL, AFGHANISTAN, DEVELOPING COUNTRIES, EDUCATION, GENDER EQUALITY, GIRLS’ EDUCATION, GLOBAL POVERTY, LITERACY, LITERACY RATE
BICYCLE LIBRARIES RAISE LITERACY RATES IN AFGHANISTAN, JULY 20, 2019, borgenproject, https://borgenproject.org/tag/literacy-rates-in-afghanistan/
[7] Deb Riechmann, The Associated Press, Critics of US-Taliban deal say militants can’t be trusted, 5 july 2020, https://www.militarytimes.com/news/your-military/2020/07/05/critics-of-us-taliban-deal-say-militants-cant-be-trusted/
[8] Steve Inskeep, A Mission To Give Afghans Democracy Became A Bid To Repair America’s Own, August 17, 2021,https://www.npr.org/2021/08/17/1028481201/a-mission-to-give-afghans-democracy-became-a-bid-to-repair-americas-own
[9] Masood Farivar, Why Isn’t Afghan Taliban on US List of Foreign Terror Groups?, February 20, 2017, https://www.voanews.com/usa/why-isnt-afghan-taliban-us-list-foreign-terror-groups
[10] Clayton Thomas, Terrorist Groups in Afghanistan, August 17, 2021, IF10604, https://fas.org/sgp/crs/row/IF10604.pdf
[11] KIM THELWELL, AFGHANISTAN, DEVELOPING COUNTRIES, EDUCATION, GENDER EQUALITY, GIRLS’ EDUCATION, GLOBAL POVERTY, LITERACY, LITERACY RATE BICYCLE LIBRARIES RAISE LITERACY RATES IN AFGHANISTAN, JULY 20, 2019, borgenproject, https://borgenproject.org/tag/literacy-rates-in-afghanistan/
[12] Barnett Rubin, BORHAN OSMAN AND ANAND GOPAL Introduction, CENTER ON INTERNATIONAL COOPERATION, july 2016, https://cic.nyu.edu/sites/default/files/taliban_future_state_final.pdf
[13] Felix Kuehn, Taliban history of war and peace in Afghanistan, 2018, https://rc-services-assets.s3.eu-west-1.amazonaws.com/s3fs-public/9_Kuehn_Incremental-Peace-in-Afghanistan-36-41.pdf
[14] Anna Tetlow, ISIS-K, Islamic State, The Taliban and Al-Qaeda: How Are They Different?, august 2021, https://www.forces.net/evergreen/islamic-state-taliban-and-al-qaeda-how-are-they-different
[15] Michael Semple, RHETORIC, IDEOLOGY, AND ORGANIZATIONAL STRUCTURE OF THE TALIBAN MOVEMENT, United states Institute of Peace, 2014, https://www.files.ethz.ch/isn/187121/PW102-Rhetoric-Ideology-and-Organizational-Structure-of-the-Taliban-Movement.pdf
[16] Stephanie Findlay, Taliban pledges to respect women’s rights ‘within framework of Islam’, FT, AUGUST 17 2021, https://www.ft.com/content/7f03429a-8d61-43df-9cd8-c9d9e9ba18c8
[17] Taliban rule begins in Afghanistan, Analysis, Source: ICG, published, 24 Aug 2021, https://reliefweb.int/report/afghanistan/taliban-rule-begins-afghanistan, Taliban declares general ‘amnesty’ for Afghan government officials, https://www.france24.com/en/asia-pacific/20210817-taliban-declare-amnesty-urge-women-to-join-government-according-to-shariah-law
[18] Taliban calls on govt employees, including women, to return to work: Times Now DigitalTimes Now Digital, https://www.timesnownews.com/international/article/taliban-calls-on-govt-employees-women-to-return-to-work-report/800055
[19] Frud Bezhan, “Are the Taliban Seeking A ‘Sunni Afghan Version’ of Iran?” RFE/RL, October 2, 2020