MenaCC
ادارة أبحاث المركز
الكويت، 20 نوفمبر 2022
ملخص: رغم مرور أشهر على ارتفاعات أسعار النفط وجني الجزائر لفوائض مالية قدرت بنحو 6 مليارات دولار تبقى قيمة أصول صندوق الثروة السيادية الجزائري المعروف بـ”صندوق ضبط الإيرادات” صفرا، وذلك منذ نفاذ مدخراته منذ 2016 بسبب أزمات مزدوجة.
الصندوق الذي تأسس في عام 2000 لم يتلقى أي تدفقات نقدية منذ سنوات حسب آخر تحديث معهد “SWFI” السويسري المتخصص في رصد حركة صناديق الثروة السيادية. وهو ما استدعى الاعلام الجزائري للاستفسار عن إمكانية عودته للحياة مجددا بعد تحقيق البلاد لفوائض مالية مقارنة بسعر التعادل المعتمد في الموازنة لهذا العام. وكانت الجزائر استفادت من الحرب الروسية الأوكرانية في جني أرباح من ارتفاعات أسعار النفط والغاز.
وعلى امتداد العقدين الأخيرين راهنت الحكومات الجزائرية على أهمية دور صندوق ضبط الموارد في القضاء على المديونية الخارجية خاصة خلال الفترة 2000 -2015. وقد أسهم صندوق الثروة الجزائري السيادي في خفض نسبة الديون الخارجية من نحو 49 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي في عام 2000 تاريخ انشائه الى نحو 2.8 في المئة في عام 2015 لتعاود المديونية الارتفاع بنسبة طفيفة فقط في 2020 الى 3.6 في المئة حسب بيانات البنك الدولي.
وقد تراجعت أصول صندوق الثروة الجزائري التي بلغت قيمته قبل 2014 نحو 70 مليار دولار تدريجياً على امتداد العشرين سنة الأخيرة وتم تبرير ذلك بتوظيف الحكومات الجزائرية المتعاقبة للفوائض المالية المرصودة في هذا الصندوق من أجل تسديد الديون الخارجة وإنعاش الاقتصاد.
تتم تغذية صندوق ضبط الإيرادات من خلال ضخ الفارق بين سعر برميل النفط المعتمد في قانون المالية وبين سعر تسويقه فعليا في السوق الدولية. وقد شهدت مدخرات الصندوق انخفاضاً ملحوظا منذ 2014 بعد الصدمة النفطية وتراجعت أصوله من 55 مليار دولار في ذاك العام حتى نفاذ المدخرات بسبب تفاقم عجز الموازنة واستمرار الاقتصاد في الاعتماد على عائدات المحروقات. وارتبطت أصول الصندوق الجزائري بتغير الجباية البترولية بحيث شهدت قيمة الأصول تراجعا في المراحل التي شهد فيها فائض الجباية البترولية انخفاضاً، فضلاً عن اقتطاع الحكومة الجزائرية لموجودات هذا الصندوق من أجل تمويل الدين الخارجي والذي انخفض بشكل لافت، ما جعل الجزائر بين الدول العربية الأقل تسجيلاً للديون الخارجية.
ولمواجهة تداعيات جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية التي تسببت بتضخم فاتورة الإيرادات، أعلن الرئيس الجزائري أن إنعاش الاقتصاد الجزائري يراهن على عدم الاستدانة الخارجية مجددا والمضي بدلا عن ذلك في خيارات أخرى كاستثمار الفوائض النفطية وتعزيز الاستثمار المنتج الوطني وتحفيز الصادرات.
وقد زادت صادرات الجزائر خاصة من الغاز الطبيعي مع وجود طلب قوي من القارة الأوروبية التي تراهن على امدادات الجزائر مقابل توقفها من روسيا. وتضاعفت أسعار الغاز أكثر من 4 مرات هذا العام بعد زيادة تاريخية مدعومة بارتفاع الطلب الأوروبي غير المسبوق لمواجهة شتاء قارس، حيث يستمر توقف امدادات الغاز الروسي للقارة العجوز بسبب تداعيات استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.
وتعول الجزائر في حال عجز للموازنة على بدائل تغنيها عن الاستدانة الخارجية كتوفر احتياطي هام من الصرف بالعملة الصعبة إلى غاية نهاية سنة 2021، فضلا عن زيادة مداخيل صادرات الغاز. في حين تراهن الحكومة على تخفيض فاتورة الاستيراد بعدما بلغت نحو 32 مليار دولار سنة 2021.
وفي حين واجهت الجزائر ضائقة مالية في السنوات الأخيرة وبلوغ العجز الى 30 مليار دولار في موازنة 2022، عادت لتسجل فوائض مالية بسبب ارتفاعات أسعار الطاق وتضاعف قيمة صادراتها وتأمل في سداد العجز المترتب على الميزانية، وتستمر في الاحجام عن خيار الاستدانة من الأسواق الخارجية منذ عام 2000، وتعتمد بدلا عن ذلك على اصدار سندات محلية لتمويل الانفاق العام المستمر في الارتفاع.
وقد تقلص العجز الكلي لموازنة 2021 من 12 في المئة الى 7 في المئة حسب البنك الدولي مدعوما بارتفاع أسعار الطاقة التي تمثل المورد الأساسي للدولة، كما تعافت قطاعات كثيرة بسبب انتعاشة صناعة الغاز خاصة بعد تضاعف الطلب الأوربي عليه. كما من المرجح أن يتقلص العجز الموازنة الجزائرية بنهاية العام في حال استمر ارتفاع أسعار الطاقة وتعافي قطاعات تصديرية كثيرة.
2022 © مركز الشرق الأوسط للاستشارات الاستراتيجية والسياسية MenaCC