الحشود العسكرية الأمريكية في الخليج والتغيير القادم

تقدير موقف: لا حرب في الشرق الأوسط حتى نهاية ولاية بايدن أحداث مهمة

29 أغسطس، 2023


مقال بقلم د. فهد الشليمي رئيس المركز

رغم وجود مؤشرات تصعيد وحشد للقوات وإعادة انتشارها في المنطقة، لن تقدم الإدارة الأمريكية في عهد الديمقراطيين على أي عملية عسكرية في الشرق الأوسط والخليج سواء ضد إيران أو ضد أهداف كبرى في العراق أو سوريا حتى نهاية ولاية الرئيس جو بايدن في 2024.

وعلى الأرجح أن يستمر نهج الديمقراطيين في تجنب الحروب والمواجهات العسكرية الشاملة والإبقاء على الخيارات التكتيكية مع عدم استبعاد احتمال ضربات محدودة لبعض الأهداف العسكرية. لكن لن تتورط القوات الامريكية في هجمات كبرى من شأنها احداث تغيير جوهري سواء في إيران أو سوريا أو العراق.

التحركات العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج في الآونة الأخيرة لا يقصد فيها تحضير لعمل عسكري من شأنه احداث تغيير شامل في العراق على سبيل المثال، حيث حرصت السفيرة الأمريكية في العراق آلينا رومانوسكي خلال الأشهر الأخيرة على لقاء أغلب المسؤولين العراقيين ونقل رسالة أميركية مفادها أن الإدارة الديمقراطية لا تسعى لصراع في العراق بقدر ما تسعى لتقليص نفوذ إيران في الداخل العراقي خاصة بعد زيادة رصد التذمر من توسع النفوذ الإيراني عبر الميليشيات المنفلتة التابعة له. وكان مسؤولون عراقيين اشتكوا من نفوذ جماعات الحشد الشعبي أو ما يمكن تسميته بالحشد الولائي لولائه لإيران وليس للعراق.

في ظل الظروف الراهنة ليس للديمقراطيين أي مصلحة من اثارة تصعيد في العراق. بل قد يكون الاهتمام متركز أكثر على الوضع في سوريا. حيث زاد الجيش الأمريكي من تعزيز أنشطة المراقبة على المناطق الحدودية السورية مع العراق وتركيا. والهدف تقييد تحركات الميليشيات الايرانية في سوريا وزيادة ارباك نشاط القوات الروسية داخل المناطق السورية وعمل ضغط أكبر على النظام السوري الذي يشكل تهديدا لأهم حلفاء أميركا في المنطقة وهي إسرائيل.

عموما، ما تقوم به الولايات المتحدة من إعادة نشر للقوات وتحريك حاملات الطائرات في الشرق الأوسط هدفه تعزيز مناطق النفوذ الأميركي في المنطقة وإلغاء خطة الانسحاب المقررة مؤقتا، فضلا عن زيادة تعزيز عمل المراقبة والاستطلاع، فوزارة الدفاع الأمريكية لم تقم بزيادة نشر قوات هجومية بقدر تعزيز قوات الاستطلاع والمراقبة.

من خلال استعراض القوة التي قامت به القوات الأمريكية في الخليج، تهدف الولايات المتحدة لتعزيز أمن الملاحة البحرية لسفنها وسفن حلفائها، محاصرة إيران وزيادة الزامها بشروط الاتفاق النووي وخفض التوتر وتطمين الحلفاء الخليجيين والإسرائيليين.

بالنسبة لتحركات الأسطول الخامس الأميركي وتعزيز تواجده في الخليج العربي من خلال حاملتي طائرات ونشر 3000 بحار وجندي، فانه استعراض للقوة فقط، بهدف الضبط والسيطرة والضغط على حلفاء روسيا في المنطقة أبرزهم إيران وسوريا والميليشيات داخل العراق، وهو ما يقود في النهاية الى ازعاج روسيا وتشتيتها.

وفيما يخص تحركات حاملتي الطائرات الأمريكية التي قدمت للخليج، فلا يبدو أن مهمتها هجومية بقدر ما ستعمل على دعم أمن ملاحة السفن التجارية الأمريكية ومرافقتها وتحييد مخاطر القرصنة الإيرانية.

بالنسبة لزيادة عدد الجنود، فان أغلبهم من قوات الاستطلاع تمركزوا في قاعدة عين الأسد في العراق. مهامهم الأساسية مراقبة نشاط الميليشيات التابعة لإيران خاصة جماعات الحشد الشعبي. وهدفهم ضبط الحدود وقطع الطريق أمام انتشار القوات الإيرانية في المناطق الحدودية العراقية والسورية.

وبذلك فان أهداف الإدارة الديمقراطية تتلخص في تعزيز عمل مراقبة الحدود، تأمين الملاحة وتعزيز استقرار سوريا وانسحاب الميليشيات الموالية لإيران من سوريا والعراق وتقييد النفوذ الإيراني، وكلها أهداف تصب في مصلحة دول الخليج وإسرائيل.

واشنطن تريد الضغط أكثر على الميليشيات الموالية لإيران

الإدارة الامريكية بإعادة نشرها للقوات والعتاد ترسل رسائل واضحة بأهمية ضمان مراقبة أنشطة وتحركات المليشيات الموالية لإيران في المنطقة خاصة في سوريا والعراق.

ويهدف استعراض القوة للضغط على انسحاب الميليشيات التابعة لإيران من الشريط الحدودي الفاصل بين العراق وسوريا والجمهورية الإسلامية الإيرانية. كما قد يقود هذا الضغط على إيران وسوريا الى الضغط أيضا على نشاط حزب الله.

وبذلك فان القوات الأمريكية تسعى لإضعاف زخم انتشار القوات الإيرانية في المناطق الحدودية وتوسع نفوذها. وبإضعاف تحركات الميليشيات الإيرانية في المناطق الحدودية السورية، تعمل القوات الأمريكية على اضعاف نفوذ بشار الأسد.

على صعيد آخر، يبدو أن الضغط على إيران عبر استعراض القوة هدفه تطمين حلفائها الخليجيين وإسرائيل باستمرار التواجد العسكري الأمريكي في الخليج. فبعد ظهور بدائل للتحالفات الخليجية مع بعض القوى العظمى الأخرى، يبدو أن الأمريكيين جادين في تقليص نفوذ إيران في العراق وسوريا عر تحجيم دور المليشيات المنفلتة المدارة من طهران.

السفيرة الامريكية نقلت رسالة أمريكية مفادها أهمية انسحاب قوات الحشد من الحدود العراقية الإيرانية وتقليص تواجد الميليشيات في مدينتي الأنبار ونينوى والتي يعبر من خلالها ممر (كوريدو) النفوذ الإيراني من طهران الى دمشق.

تجدر الإشارة الى أن إيران كان لديها خطتان لتوسيع نفوذها. خطة الأفعى أو (الانكندا) للسيطرة على مضايق الخليج العربي وتحديدا مضيق باب المندب لخنق السعودية وهي خطة فشلت في تحقيقها. وخطة أخرى لدعم سوريا عبر ممر (كوريدو) إيراني ينطلق من إيران الى الحدود العراقية الإيرانية فإلى بعقوبة الى شمال غرب منطقة القائم ثم البوكمال ثم دير الزور ثم الرقة ثم الى البحر المتوسط. وهدف الإيرانيين في ذلك القرب من إسرائيل باقترابهم من البحر المتوسط.